التّدريج ، أى أن يكون حصوله فى زمان متصل صالح لافتراض أجزاء كثيرة فيه بإزاء الأجزاء المنفرضة فى الزّمان فى ذلك الحاصل ، فيكون حصول كلّ من الأجزاء المفروضة للحاصل فى واحد من الأجزاء المنفرضة فى الزّمان وحصوله فى نفسه بما هو شيء واحد ، لا بما يفرضه الذّهن متكثّرا فى الزّمان الّذي هو أيضا شيء واحد فى نفسه ، فهما متصلان غير قارّين. فإذا انقسما بسبب من الأسباب كان هناك حصول أشياء كثيرة على التّعاقب ولو لم تعرض لها قسمة كان حصول شيء واحد فى زمان ما واحد. وذلك معنى حصوله الشّيء على سبيل التّدريج.
وأمّا إذا لم يكن الشّيء الأحدىّ الذّات من المتّصلات الممتدّة وكان من الكميّات القارّة ، فإنّه لا يمكن أن يكون له حصول تدريجىّ ، وإنّ ماراه معلّم المشّائين ورؤساؤهم فى حلّ الشّكّ بنفى الوجود عن الحركة الّتي هى القطع من هذا المعنى ، أعنى نفي الوجود المستكمل القارّ ، والذّات الغير المتجزّئة المستقرّة ، فإنّ ذلك هو القول العاصم الحاسم لعنصر الشّبهة ، لا نفى الوجود العينىّ عن الحركة الّتي هى القطع ؛ فإنّ ذلك ، مع كونه شططا بعيدا عن سمت الحقّ ، ليس على حدّ الإجداء ، إذ الشّكّ ينتهض (١٥٣) فى الحرث الذّهنىّ على التّدريج من غير فرق. فهذا ما فطن له فهمى وبلغ إليه علمى فى هذه المسألة ، واللّه هو العليم الحكيم.
<٢٠> نقض وتحصيل تقريريّ
من عويصات هذا الموضع ما يقال : إنّ ممّا عليه تواطؤ الحكماء كون كلّ حركة حصولها فى زمان ، ثمّ قد بيّن أنّ الحركة التّوسّطية أمر بسيط غير منقسم لا يصلح للانطباق على الزّمان.
ورئيس مشّائيّة الإسلام بلغ منتهى التّحصيل فيه وأوضح فى الشفاء :
«إنّ الّذي يقال ، من أنّ كلّ حركة فى زمان ؛ فإمّا أن يعنى بالحركة الحالة الّتي للشّيء بين مبدأ ومنتهى وصل إليه ، فتقف عنده أو لا تقف. فتلك الحالة الممتدّة هى فى زمان ، وهذه الحالة ، وهى الحركة التى هى القطع ، فوجودها على سبيل وجود