وجوده فى وعاء الدّهر ، لا أنّ عدمه فى الواقع قد انصرم. فحصل الوجود حتى يصدق الحكم بهما كليهما فى الواقع بإطلاقين عامّين ، كما يكون فى العدم والوجود الزّمانيّين. فذلك من خواصّ افق الزّمان وانقسامه.
فالزّمانىّ ينصرم ويستعقب ما يصادمه بالانصرام والانبتات ، لا بالبطلان والارتفاع فى الواقع ، وغير الزّمانىّ يبطل ويكون استعقابه لما يصادمه ببطلانه وانقراضه وارتفاعه فى الواقع. فلذلك ما إنّه ليس يصدق الحكم بهما كليهما فى الواقع بإطلاقين عامّين.
فإذن ، الموجود الحادث الدّهرىّ إذا لم يكن زمانيّا لا يصدق الحكم بأنّه موجود بالدّوام ولا بأنّه معدوم بالإطلاق العامّ ، لارتفاع صدق الحكم بأنّه معدوم بالفعل بالتقرّر الّذي هو معقّبه ومبطله من تلقاء فيض الجاعل. وهذا من السّرّ العجاب الّذي لا يرجى التّفطّن له والتّشبث عليه إلاّ بفطرة شاهقة قدسيّة وقريحة شامخة ملكوتيّة.
فإن سومح فى الحكم بالعدم بالإطلاق العامّ الدّهرىّ وريم بذلك أنّه كان للعدم سبق دهرىّ ، فبطل وانتفى عن الواقع بالتّقرّر والوجود فى وعاء الدّهر لساغ. لكن ليس ذلك حكما بالعدم بالإطلاق العامّ ، أليس مفاده الحكم بالعدم بالفعل فى الواقع ، وبعد التقرّر والوجود فى وعاء الدّهر قد انقضّ ذلك وسقط حتّى لو حكم به لم يكن على محاذاة الواقع. فإذن ، يرجع الحكم بالإطلاق العامّ إلى مجرّد إطلاق اللّفظ مع بطلان معناه الّذي قد وضع ذلك اللّفظ بإزائه.
<٣٤> استضاءة استنهاضيّة
هل أنت مستضيء بالفطنة متبصّر السّرّ بما كشفنا لك عنه الغطاء. فيظنّ بك أن تدرك أنّ الزّمان الممتدّ فى نفسه لمّا كان موجودا فى وعاء الدّهر على أنّه متّصل واحد عند أجزائه الفرضيّة بحسب ذلك الوجود وبالنّسبة إلى المبدأ الأوّل والمراتب الّتي هى وراء افق الزّمان وإن لم تكن حاشدة بالقياس إلى الزّمانيّات وفى حدّ واحد من حدود افق الزّمان ، وكذلك الحركة المتصلة الّتي هى محلّه والحوادث الزّمانيّة