المتعاقبة بحسب وجوداتها العينيّة أيضا كذلك ؛ فإنّ تعاقبها ليس بالنّسبة إلى بارئها المحيط ولا بحسب الوقوع فى وعاء الدّهر ، بل إنّما باعتبار وقوعها فى افق الزّمان فقط. فلا محالة ينتهض برهانا التّطبيق والتّضايف ، وبرهان الحيثيّات وبرهان الوسط والطرف وسائر ما اقيم فى الفلسفة وفى الحكمة الحقيقيّة على استحالة اللاّنهاية بالفعل فى الكم المتصل القارّ الموجود وفى الكم المنفصل ومعروضه من الموجودات المجتمعة المترتّبة وضعا أو التّرتّب السّببىّ والمسببىّ بالطّبع أو بالعليّة هناك أيضا ، فينسحب ذلك كلّه على امتناع اللاّنهاية بالفعل فى مقدار امتداد الزّمان وفى عدد الموجودات المتسلسلة السّابقة الزّمانيّة. فيتبيّن أنّه يستحيل أن يتمادى مقدار الزّمان الممتدّ إلى جانب الأوّل لا إلى نهاية أو عدد (١٦١) الحوادث المترتّبة المتسابقة لا إلى أوّل.
فكما أنّ الأبعاد المكانيّة الجسمانيّة أو المجرّدة الّتي تشغلها تلك متناهية امتدادا. وكذلك المتمكنات المتكثّرة الواقعة فى الأمكنة عددا ، فكذلك الامتداد الزّمانىّ متناه مقدارا ، والزّمانيّات المتكثّرة الواقعة فى الأزمنة عددا.
فالآن حصحص أنّه سقط تشبّث الفلاسفة فى انصرافهم عن الحقّ ومصادمتهم للبرهان بأنّ الموجود الغير القارّ بالذّات وإن كان كمّا متّصلا لكنّه ليس يوجد بتمامه دفعة ؛ والامور المتعاقبة وإن كانت مترتّبة متسابقة بالطبع لكنّها ليست موجودة معا.
فاستفت العقل : أمقتضى حكم التّطبيق وتكافؤ المتضائفات وتناهى المحصور بين حيثيّة ما وأيّة حيثيّة كانت ، ولزوم طرف لا يكون وسطا عند حصول ما هو موصوف بالوسطيّة وسائر البراهين مقصور على استيجاب التّناهى بحسب الدّفعة الزّمانيّة ، أى تناهى ما يوجد بتمامه أو بجميع آحاده معا فى حدّ من حدود الامتداد وبالقياس إلى زمانىّ ما أم بحبل اللاّنهاية بالفعل بحسب الوجود فى الواقع ، سواء كان ذلك دفعة واحدة زمانيّة أو دفعة واحدة دهريّة غير زمانيّة. أليس الوجود فى وعاء الدّهر وبالنّسبة إلى من يحيط بالزّمان كلّه مرّة واحدة غير زمانيّة وجودا فى