التّفصيل وليس بمستحيل.
وبيّنوا استحالة أن يكون الكم المتّصل المستحيل غير متناهى الكمّيّة ، بقولهم : المقدار لا يفارق المادّة فى الخارج إلاّ عند القائلين بوجود البعد المجرّد ، لكنّه يفارقها فى الذّهن، لجواز أن يتخيّل المقدار مع الذّهول عن جميع الموادّ. فإذا تخيّلناه ، أعنى المقدار الممتدّ فى الجهات الثّلاث ، من غير أن نلتفت إلى شيء من الموادّ وأحوالها ، كان ذلك المتخيّل جسما تعليميّا.
ثمّ إنّه لا يمكننا أن نتخيّله إلاّ متناهيا ؛ لأنّ البرهان الدّالّ على تناهى الأبعاد فى الخارج يدلّ على تناهيها فى الذّهن ؛ لأنّ الامتداد المخصوص المتخيّل لا يرتسم إلاّ فى آلة جسمانيّة بحسب تناهيها ، فيجب تناهى ما حلّ فيها. وأيضا ، الأدلّة القائمة على تناهى الأبعاد جارية فى الامتداد الشّخصىّ المتخيّل إذا كان غير متناه بلا فرق.
فإن توهّم : أنّه إذا امتنع تصوّر المقدار الّذي لا يتناهى امتنع الحكم عليه بامتناع وجوده.
قيل : الممتنع تصوّر امتداد شخصىّ غير متناه ، لا تصوّر امتداد لا يتناهى على وجه كلّىّ. فالممتنع هو المتخيّل ، لا المتعقّل. وإذا تخيّل الجسم التّعليمىّ متناهيا كان هناك سطح. فإذا تخيّل ذلك السّطح من غير التفات إلى الجسم وأعراضه كان ذلك المتخيّل سطحا تعليميّا ، وكذا الخطّ ، وكذلك الزّمان الممتدّ المرتسم فى الذّهن قد يلحظ من غير التفات إلى المادّة وأعراضها.
وربما التّحقيق اقتضى أن يقال : الممتنع هو تصوّر امتداد شخصىّ غير متناه على معنى أنّه يصدق عليه بالحمل الشّائع الصّناعىّ وأنّه امتداد غير متناه ، أعنى أنّه فرد منه ، لا تصوّر الامتداد الغير المتناهى على أن يكون صدقه على المتصوّر إنّما هو بالحمل الأوّلىّ الذّاتىّ فقط ، أعنى أنّه مفهوم طبيعة الامتداد الغير المتناهى وعنوان حقيقته بعينها ، لا أنّه فرد تلك الطبيعة وما تصدق عليه تلك الحقيقة. فهذا ما حصّله رؤساء الفلاسفة والمحصّلون من الأتباع والمقلّدين.
وأ ليس إذا كانت الحركة التّوسّطيّة الفلكيّة الرّاسمة لمحلّ الزّمان من الحركة