وليس تفصيل ذلك المجمل إلاّ نفس تلك المقوّمات الكثيرة بالأسر الملحوظة من حيث هى هى لا بشرط المعيّة واللاّمعيّة أصلا ؛ فإنّ تلك هى عين المجموع المجمل بالذّات وإن غايرته بالأغيار دون الكلّ الأفرادىّ الملحوظ فيه كلّ واحد واحد على البدليّة بلحاظ اللاّمعيّة ، كما فى قولهم : «الدّار تسع القوم كلّهم ، لا معا ؛ إذ تلك بذلك اللّحاظ عن المجموع المجمل على مغايرة غائرة وبون باين».
<١٢>إفصاح
التّقدّم بالعلّيّة هو تقدّم العلّة الفاعلة من حيث قد استبدّت هى بالعليّة ، إذ لم يشذّ عن الحصول معها بالفعل شيء ما ليس منه بدّ فى الإفاضة : بأن يتحقق كلّ ما يفتاق إليه المعلول فى حصول صدوره عنها بالفعل. فالفاعل حينئذ هو بعينه المفيض الموجب بالذّات. وأمّا العلّة التّامّة ـ وهى آحاد المتقدّمات بالطبع بأسرها ـ فهى ليست شيئا واحدا متقدّما بتقدّم واحد ، بل أشياء كثيرة متقدّمة بتقدّمات عدّة ، كلّ منها تقدّم واحد بالطبع ولا المعلول يتوقّف عليها بتوقّف واحد ، بل إنّما بتوقّفات شتّى.
فإن لوحظت تلك المتقدّمات باعتبار التّأليف حتى يحصل بذلك الاعتبار شيء واحد هو مجموعها لم يكن فى ذلك استيجاب أن يكون هذا الشّيء يستحقّ البتة أن يتقدّم.
فمجموع المتقدّمات ليس يلزمه أن يكون له أيضا تقدّم حتى يكون هناك تقدّم آخر وراء التّقدّمات الّتي هى للآحاد. وأ ليس لو لزم ذلك لم تكن الّتي فرضت المتقدّمات والعلل بالأسر المتقدّمات والعلل بالأسر ؛ ولا الّذي فرض مجموع المتقدّمات والعلل بالأسر مجموع المتقدّمات والعلل بالأسر.
ومن حيث تبيّن فساد كون العلّة التّامّة شيئا له تقدّم على المعلول وراء التقدّمات الّتي هى لآحاد العلل ، فسد ما يوضع تبيانا لفساده أنّ ذلك يستلزم تقدّم المعلول المركّب على نفسه بدرجتين ، ضرورة كون مجموع المادّة والصّورة ، وهو نفس