فإن صحّ فلم لم يكن ذلك هو المستأنف وهما متساويان فى استحقاق ذلك. وهل هو إلاّ أخذ المطلوب فى بيان نفسه ، وإن كان من جهة الأسباب المؤدّية إلى وقوع المعاد ، فلم لم يكن هى بعينها أسباب وقوع المستأنف بدلا عنه ، ويأبى العقل إلاّ أن يكون ذلك غير متصوّر مع فقد الاستمرار الموقع للاثنينيّة الصّرفة ، بل إمّا أن يكون كلّ منهما معادا أو لا يكون ولا واحد منهما معادا.
فإن خالج وهمك : أنّه وإن عدمت الذّات فى الخارج ، لكنّها تبقى مستمرّة فى نفس الأمر بحسب وجودها الذّهنىّ ، فتستحفظ وحدتها بحسب ذلك الوجود ، كما لو كان ثابتا فى العدم. فالوجود الذّهنىّ بإزاء ذلك الثّبوت الّذي يتوهّمه من ليس من المميّزين.
فقيل لك : أليس قد تحصّلت ، من قبل ، أنّ الموجود فى الذهن بالحقيقة هو الهويّة المكتنفة بالمشخّصات الذّهنيّة ، واتّحادها مع الموجود فى الأعيان بمعنى أنّها بعد التّجريد عينه ؛ إذ الذّات والذّاتيّات منحفظة فى أنحاء الوجود ، وإنّما الهويّات الشّخصيّة هى المتبدّلة. فليست الهويّة الذّهنيّة هى عين الهويّة العينيّة مطلقا بالفعل.
وأيضا ، أليس كما أنّ المعدوم (٤٣) المعاد فى زعمك موجود فى الذّهن ، كذلك المبتدأ المفروض بدله موجود فيه أيضا. فليس نسبة المعدوم السّابق الوجود إليه بأولى من نسبته إلى ذلك المبتدأ المفروض. وهذا النّمط هو ما رامه شريكنا الأسبق بما قاله فى إلهىّ الشفاء وفى التّعليقات ، فراجعهما.
ثمّ إذا وضع لديك أنّه يلزم أن يكون المستأنف هو المعاد ، فيكون هو الوجود السّابق بعينه ، وجدت أنّ إيجاد المستأنف الّذي هو معاد إعادة لذلك السّابق بهويّته ، فيكون إعادة لوقته أيضا ، وإلاّ لم يكن إيجاد المستأنف هو إعادة السّابق الموجود فى ذلك الوقت ، فيلزم أن يكون للوقت وقت من تلك الجهة. وهذا أيضا يكاد يتّضح عندك. ولكن بتوفير تأمّل صادق وتوفيه لحقّه من النّظر بعد ما لم يكن طباع العقل سقيما فى فطرة الوجود.
(٢) ومنها : أن لو اعيد بعينه لزم أن يكون عدمه مسبوقا وسابقا بالقياس إلى شيء واحد بعينه هو وجوده سبقا زمانيّا وأن يتخلّل العدم بين ذاته الواحدة ؛ لأنّ ذات الشّيء