إذا كانت محفوظة فى حال الوجود دون العدم ، فإذا وجد الشّيء فى الزّمان الأوّل كان ذاته فيه ، وإذا عدم فى الزّمان الثّاني بطلت ذاته ، ولم يتقرّر فيه. ثمّ إذا وجد فى الزّمان الثّالث كان ذاته بعينها فيه ، فيلزم تخلّل العدم بين ذاته الواحدة ، وكذلك بين وجوديها المفروضين اللّذين هما وجود واحد بعينه لذات واحدة بعينها.
فإذن ، إذا جاز الإعادة كان «أ» مثلا ، سابقا على عدمه ، وهو بعينه مسبوق بذلك العدم ، فيكون هو قبل نفسه قبليّة بالزّمان. وذلك بحذاء الدّور الّذي هو تقدّم الشّيء على نفسه بالذّات. ولا حرج أن لقّب ذاك بالدّور الذّاتىّ وهذا بالدّور الزّمانىّ.
فإن أغلطك الوهم : أنّ اللاّزم تخلّل العدم بين وجودى شيء واحد بعينه ؛ فاعقل : أنّ اختلاف الوجود يساوق اختلاف الذّات بالضّرورة الفطريّة ؛ فإنّ الشّيء الواحد لا يكون له وجودان ؛ إذ الوجود الخاصّ لكلّ شيء هو بعينه بمعنى أنّه ليس وراء الذّات شيء بحسب ظرف الوجود ، وإن كان غيره بحسب تحليل من العقل واعتبار منه للموجوديّة الانتزاعيّة ، ونسبة الوجود إلى الماهيّة ليست نسبة العوارض المتواردة الّتي يتصوّر تبدّلها واختلافها مع انحفاظ وحدة الذّات ، وليست وحدة الذّات إلاّ معنى وحدة الوجود.
ثمّ ولو قدّر أنّه يمكن وحدة الذّات مع اختلاف الوجود ، فلا يصحّ الفرق بين الماهيّة والوجود فى جواز الإعادة ، فلم لا يكون الوجود نفسه معادا ، ويكون الوقت أيضا معادا ، فيكون الحدوث أيضا معادا ، فيكون ليس هناك وجودان ولا وقتان ولا حدوثان اثنان ، بل واحد بعينه معاد. ثمّ كيف يكون العود. ولا اثنينيّة؟ وكيف يكون اثنينيّة ويجوز أن يكون المعاد بعينه الأوّل؟
وقول من يريد أن يهرب عن هذا منهم ـ ويقول : الوجود صفة ، والصّفة لا توصف ولا تعقل ، وليست بشيء ولا موجودة ، وأنّ الوقت أو بعض الأشياء لا يحتمل الإعادة وبعضها يحتمل ، حتّى لا يلزمه أن فرض الإعادة للمعدوم قد يجعل المعاد غير معاد ؛ ويجوّز أن يكون ما هو معاد ليس له حالتان أصلا ـ قول ملفّق ، يفضحه البحث المحصّل.