وأمّا توهّم الانتقاض بالبقاء ؛ فمن السّخيف السّاقط ، إذا الذّات المتقرّرة مستمرّة فى زمان البقاء ، ولا يتكثّر بتحليل الذّهن إلاّ الأجزاء الّتي ينحل إليها ذلك الزّمان فى الوهم ، ويستتبع ذلك تكثّر إضافة الذّات المنحفظة إليها بالوقوع فيها ، فلا يلزم تخلّل الزّمان بين الشّيء ونفسه ، بل إنّما تخلّله بين الشّيء باعتبار وقوعه فى الزّمان الأوّل وبينه باعتبار وقوعه فى الزّمان الثّاني.
وذلك يرجع بالحقيقة إلى تحلّل الزّمان بين الإضافات العارضة للذّات ، والسّابق بالسّبق الزّمانىّ واللاّحق بذلك اللّحوق إنّما هما الزّمانان بالذّات ، والشّيء بالعرض بحسب حصوله بوحدته المحفوظة المستمرّة فى الزّمانين ، لا نفس الذّات المتقرّرة من حيث هى ، لأنّها مستمرّة واحدة.
(٣) ومنها : أنّه لو أعيد بهويّته الشّخصيّة لزم إعادة وقته ، لاستيجاب تلك الهويّة بشخصيّتها الوقوع فى ذلك الوقت بعينه ، لما خصّصها به اقتضاء فاعلها واستعداد مادّتها الحاملة لصحّة حدوثها وإمكان وجودها ؛ إلى غير ذلك من الأسباب المؤدّية إلى نحو وجودها الشّخصىّ المستتبع (٤٤) للاختصاص بالوقوع فى ذلك الزّمان بعينه.
أفليس إذا اعيدت هويّة شخصيّة كان إنّما ذلك لعود علّتها المخصوصة الّتي بها حصل الوجود الشّخصىّ لتلك الهويّة ، فيكون ذلك يستتبع الحصول فى ذلك الزّمان الشّخصىّ السّابق بعينه تارة اخرى ؛ إذ هو من لوازم تلك الهويّة الشّخصيّة.
فإذن ، يكون ما قد وضع أنّه معاد هو ليس إلاّ ذلك المبتدأ السّابق بعينه من ذلك السّبيل ، لا من جهة ما بحسب الزّمان من المشخّصات ، أى : الامور الّتي لها مدخل فى الشّخص. وهو من الظّنون الكاذبة ؛ فإنّ ما يناط به تشخّص الشّيء هو نحو وجوده الّذي يخصّه ويكون بحسبه للتّشخّص أمارات لا يصحّ أن يعدّ الوقت منها ، بل الزّمان إنّما هو ظرف المتشخّص لا غير ، اللّهمّ إلاّ فى بعض الموادّ جزئيّا وببعض الاعتبارات من حيث الخصوص ؛ فإنّ اولات المحلّ من الماهيّات تتغاير باختلاف حواملها أو بالزّمان إن اتّحد المحلّ ، كسوادين حصلا فى موضوع واحد ، ولكن أحدهما بعد بطلان الآخر. فالمحلّ من المشخّصات ، بمعنى ما يحتاج إليه نحو