وكان اليهود يكرهون [الموت](١) لسوء ما اختاروا لأنفسهم من حب الرئاسة والنفاسة على محمد صلىاللهعليهوسلم ، حتى أنكروا ما عرفوه ووجدوه مكتوبا عندهم في التوراة ، فأنزل الله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) ، وقرأ زيد بن علي : " إنّه ملاقيكم" (٢).
وقرأ ابن مسعود : " تفرون منه ملاقيكم" (٣).
قال الزجاج (٤) : دخلت الفاء في خبر" إنّ" ، ولا يجوز : إنّ زيدا فمنطلق ؛ لأن" الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم" فيه معنى الشرط والجزاء. ويجوز أن يكون تمام الكلام : " قل إن الموت الذي تفرون منه" كأنه قيل : إن فررتم من أيّ موت كان من قتل أو غيره فإنه ملاقيكم ، ويكون" فإنه" استئناف بعد الخبر الأول.
قال غيره (٥) في قراءة زيد : قد جعل" إن الموت الذي تفرّون منه" كلاما برأسه ، أي : إن الموت هو الشيء الذي تفرّون منه ، ثم استؤنف : " إنه ملاقيكم".
وقراءة ابن مسعود ظاهرة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٩)
قوله تعالى : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ) يعني : النداء الثاني إذا جلس الإمام على المنبر
__________________
(١) زيادة من ب.
(٢) انظر هذه القراءة في : البحر (٨ / ٢٦٤) ، والدر المصون (٦ / ٣١٧).
(٣) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٨ / ٢٦١) ، والكشاف (٤ / ٥٣٢).
(٤) معاني الزجاج (٥ / ١٧١).
(٥) هو قول الزمخشري في الكشاف (٤ / ٥٣٢).