وقد سرق الأخطل النصراني هذا المعنى ، وأنّى له ذلك لو لا الكتاب العزيز فقال :
ما زلت تحسب كلّ شيء بعدهم |
|
خيلا تكرّ عليهم ورجالا (١) |
قال المفسرون : لا يسمعون صوتا إلا ظنوا أنهم قد أتوا ، وإن نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة ، أو نشدت ضالة ، ظنوا أنهم يرادون ؛ لما في قلوبهم من الخوف ، وكانوا كالمتوقعين أمرا من عند الله ، يستأصل به شأفتهم على لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم وبأيدي المؤمنين.
(هُمُ الْعَدُوُّ) أي : هم الكاملون في العداوة ؛ لكفرهم ونفاقهم وما جثم على صدورهم من الغل والحسد للنبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، [ولن](٢) تجد أجلب للعداوة من هذه الأسباب ، لا سيما وقد حربوا وسلبوا وبدّلوا من بعد عزّهم ذلّا ، ومن بعد أمنهم خوفا.
وإلى هذا المعنى نظر سديف في قوله :
لا يغرّنك ما ترى من رجال |
|
إنّ تحت الضّلوع [داء](٣) دويّا |
فضع السيف وارفع السّوط حتى |
|
لا ترى فوق ظهرها أمويّا (٤) |
__________________
(١) البيت لجرير ضمن قصيدة طويلة له ، انظر : شرح ديوان جرير (ص : ٣٣٩).
(٢) في الأصل : ولم. والتصويب من ب.
(٣) زيادة من ب.
(٤) البيتان لسديف ، وهما في : الأغاني (٤ / ٣٤٣) وفيه : " جرّد السيف وارفع العفو" بدل : " فضع السيف وارفع السوط" ، والكامل في التاريخ (٥ / ٢٦ ، ٧٧) ، والبدء والتاريخ (٦ / ٩٠) ، والنجوم الزاهرة (١ / ٣٣١).