وقال ابن عباس والفراء (١) : [فيه](٢) تقديم وتأخير ، تقديره : عذبناها عذابا نكرا في الدنيا بالجوع والسيف والبلايا ، وحاسبناها حسابا شديدا في الآخرة (٣).
قوله تعالى : (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً* رَسُولاً) قال مقاتل (٤) والسدي : الرسول : محمد صلىاللهعليهوسلم (٥). فيكون المعنى : أنزل الله إليكم ذكرا وهو القرآن ، وأرسل رسولا.
وقال ابن السائب : الرسول : جبريل عليهالسلام (٦).
فعلى هذا : يكون" رسولا" بدلا من" ذكرا" (٧) ؛ لأن جبريل موصوف بتلاوة آيات الله ، فكان إنزاله في معنى إنزال الذكر ، فصحّ إبداله منه ، أو جعله لكثرة ذكره كأنه ذكر. أو يراد بالذّكر : الشّرف ، أو على معنى : ذا ذكر ، أي : ملكا ذا ذكر.
وما بعده ظاهر أو مفسّر إلى قوله : (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) يعني : الجنة التي لا ينقطع نعيمها.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)(١٢)
__________________
(١) معاني الفراء (٣ / ١٦٤).
(٢) زيادة من ب.
(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٢٩٨).
(٤) تفسير مقاتل (٣ / ٣٧٤).
(٥) أخرجه الطبري (٢٨ / ١٥٢).
(٦) ذكره الماوردي (٦ / ٣٦).
(٧) انظر : التبيان (٢ / ٢٦٣) ، والدر المصون (٦ / ٣٣٢).