قوله تعالى : (أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ)" أن" مفسّرة ؛ لأن الإرسال فيه معنى القول ، فهي بمعنى : أي.
ويؤيده قراءة ابن مسعود : " أنذر قومك" بغير" أن" (١).
وإن شئت قلت : هي" أن" الناصبة للفعل ، أصله : بأن أنذر قومك ، فلما حذف الجار وصل الفعل ، فنصب" أن" ، والتقدير : أرسلناه بأن قلنا له : أنذر.
وقوله تعالى : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) مثل قوله : (أَنْ أَنْذِرْ).
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قال ابن عباس : هو عذاب النار (٢).
وقال الكلبي : هو الطوفان (٣).
قوله تعالى : (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) قال مقاتل (٤) والسدي : " من" هاهنا صلة.
وقال الزجاج (٥) : دخلت" من" ؛ لتخصيص الذنوب من سائر الأشياء ، ولم تدخل لتبعيض الذنوب. ومثله : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج : ٣٠].
وقال غيره من أهل المعاني : هي للتبعيض ، على معنى : يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم إلى وقت إيمانكم ، وذلك بعض ذنوبهم (٦).
(وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وهو أجل موتهم ، يريد : أنهم يؤخّرون إلى
__________________
(١) انظر هذه القراءة في : الطبري (٢٩ / ٩٠ ـ ٩١) ، والكشاف (٤ / ٦١٨).
(٢) ذكره الماوردي (٦ / ٩٨).
(٣) ذكره الطبري (٢٩ / ٩١) بلا نسبة ، والماوردي (٦ / ٩٨).
(٤) تفسير مقاتل (٣ / ٤٠٠). وذكره الماوردي (٦ / ٩٩).
(٥) معاني الزجاج (٥ / ٢٢٨).
(٦) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٣٥٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٣٦٩).