ومعنى : " ثم" : الدلالة على تباعد الأحوال.
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) أي : توبوا إليه من الكفر والمعاصي.
(يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) كثيرة الدّرّ. وقد ذكرناه في أول الأنعام (١).
قال الشعبي : خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستسقي ، فلم يزد على الاستغفار حتى رجع ، فقالوا له : ما رأيناك استسقيت؟ فقال : لقد طلبت الغيث بمجاديح (٢) السماء التي بها يستنزل القطر ، ثم قرأ : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً)(٣).
وشكا رجل إلى الحسن الفقر ، وآخر قلة ريع أرضه ، وآخر الجدب ، فأمرهم كلهم بالاستغفار ، فقيل له في ذلك ، فتلى هذه الآية (٤).
قوله تعالى : (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) قال المفسرون : حبس الله القطر عنهم ، وقطع نسلهم ونسل دوابهم أربعين سنة.
__________________
(١) آية رقم : ٦.
(٢) المجاديح : واحدها مجدح ، والياء زائدة للإشباع ، والقياس أن يكون واحدها : مجداح ، فأما مجدح فجمعه : مجادح. والمجدح : نجم من النجوم قيل : هو الدّبران. وقيل هو ثلاثة كواكب كالأثافي ؛ تشبيها بالمجدح الذي له ثلاث شعب ، وهو عند العرب من الأنواء الدّالة على المطر ، فجعل الاستغفار مشبّها بالأنواء ، مخاطبة لهم بما يعرفونه ، لا قولا بالأنواء.
وجاء بلفظ الجمع ؛ لأنه أراد الأنواء جميعها التي يزعمون أن من شأنها المطر (النهاية في غريب الحديث ١ / ٢٤٣).
(٣) أخرجه الطبري (٢٩ / ٩٣) ، وسعيد بن منصور في سننه (٥ / ٣٥٣ ح ١٠٩٥) ، وعبد الرزاق في مصنفه (٣ / ٨٧ ح ٤٩٠٢).
(٤) ذكره الزمخشري في : الكشاف (٤ / ٦٢٠).