وقال مقاتل (١) : خرج من البيت وقد لبس ثيابه ، فناداه جبريل : " يا أيها المزمل".
وقال ابن عباس : يا أيها المزمل بالقرآن (٢).
وقال عكرمة : يا أيها المزمل بالنبوة (٣).
فإن قيل : ما الحكمة في ندائه هاهنا بالمزمل دون النبي والرسول؟
قلت : لأن هذه الآية من أول ما خوطب به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما رسخ قدمه في النبوة والرسالة ، فخّم وعظّم بالخطاب المنوّه بهما.
(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) يعني : قمه مصلّيا.
قال المفسرون : كان قيام الليل فرضا عليه.
وتقديره : قم الليل نصفه إلا قليلا. ف" نصفه" بدل من" الليل" (٤) ، كما تقول : ضربت زيدا رأسه.
و" قليلا" : استثناء منه ، قدّم المستثنى على المستثنى منه ، والضمير في" منه" و" عليه" للنصف (٥).
والمعنى : التخيير بين أمرين ، وهما القيام أقلّ من نصف الليل على البتّ والقطع ، [أو اختيار](٦) أحد الأمرين ، وهما النقصان من النصف والزيادة عليه.
__________________
(١) تفسير مقاتل (٣ / ٤٠٩).
(٢) ذكره الماوردي (٦ / ١٢٥).
(٣) مثل السابق.
(٤) انظر : التبيان (٢ / ٢٧١) ، والدر المصون (٦ / ٤٠١).
(٥) مثل السابق.
(٦) في الأصل : واختيار. والتصويب من ب.