وفي مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن [عمرو](١) عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارق ، ورتّل كما كنت ترتّل في الدنيا ، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها» (٢).
فصل
قال أهل التفسير : كان النبي صلىاللهعليهوسلم وطائفة من المؤمنين يقومون من الليل على نحو هذه المقادير ، وشق ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين لموضع احتياطهم وخوفهم من فوات القدر الواجب ، فكانوا يقومون الليل كله ، حتى خفّف الله عنهم ، فأنزل آخر السورة : (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ).
قال سعيد بن هشام : قلت لعائشة رضي الله عنها : أنبئيني عن قيام رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقالت : ألست تقرأ : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ)؟ قلت : بلى ، قالت : فإن [الله](٣) افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام نبي الله وأصحابه حولا ، وأمسك الله خاتمتها اثنا عشر شهرا في السماء ، حتى أتى أمر الله في آخر هذه السورة بالتخفيف ، فصار قيام الليل تطوعا بعد [فريضة](٤).
وذهب جماعة من العلماء إلى أن الله تعالى نسخ فرضيّة قيام الليل في حق النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) [الإسراء : ٧٩] ، وفي حق المؤمنين
__________________
(١) في الأصل : عمر. والتصويب من ب ، والمسند (٢ / ١٩٢).
(٢) أخرجه أحمد (٢ / ١٩٢ ح ٦٧٩٩).
(٣) زيادة من ب.
(٤) في الأصل : فرضه. والتصويب من ب ، والصحيح. والحديث أخرجه مسلم (١ / ٥١٣ ح ٧٤٦).