فرية فيه ولا مرية ، (يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) قال الزمخشري (١) : هذا من باب التخييل ، خيل أن من الممتنع المحال : أن تجد قوما [مؤمنين](٢) يوالون المشركين ، والغرض به أنه لا ينبغي أن يكون ذلك ، وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال ، مبالغة في النهي عنه والزجر عن ملابسته ، والتوصية بالتصلب في [مجانبة](٣) أعداء الله ، وزاد ذلك تشديدا بقوله : (وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ) وبقوله : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) وبمقابلة قوله : (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ) ، وبقوله : (أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ) ، فلا تجد شيئا أدخل في الإخلاص من موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه.
واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية ؛ فقال ابن جريج : حدثت أن أبا قحافة سبّ النبي صلىاللهعليهوسلم [فصكّه أبو بكر صكّة](٤) سقط منها. ثم ذكر ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم قال : [أو فعلته](٥)؟ قال : نعم. قال : فلا تعد. فقال أبو بكر : والله! لو كان السيف مني قريبا لقتلته ، فأنزل الله هذه الآية (٦).
وقال ابن مسعود : نزلت في أبي عبيدة بن الجراح قتل أباه يوم أحد ، وفي أبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز فقال : يا رسول الله دعني أكون في الرعيل الأول؟ فقال : أمتعنا بنفسك يا أبا بكر ، وفي مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم
__________________
(١) الكشاف (٤ / ٤٩٦).
(٢) في الأصل : يؤمنون بالله واليوم الآخر. والمثبت من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٣) في الأصل : مجانبته. والمثبت من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٤) في الأصل : فصحكه أبو بكر صحكة. والتصويب من ب.
(٥) في الأصل : أفعلته. والتصويب من ب.
(٦) ذكره الماوردي (٥ / ٤٩٧) ، والواحدي في أسباب النزول (ص : ٤٣٤). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٨٦) وعزاه لابن المنذر.