قلت : وهذا المعنى الثاني الذي حكاه الزجاج هو قول جمهور المفسرين.
قال ابن عباس : كان بين الكلمتين أربعون سنة (١).
قال السدي : بقي بعد الآخرة ثلاثين سنة (٢).
والمعنى الأول ؛ قول الحسن وقتادة (٣).
(إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي فعل بفرعون حين كذّب وعصى (لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى).
ثم خاطب منكري البعث فقال :
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ)(٣٣)
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ) أي : أأنتم فيما عندكم [أصعب](٤) خلقا وأعجب إيجادا وإنشاء بعد الموت أم السماء؟ ، وهذا كقوله : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) [غافر : ٥٧].
قال الزجاج (٥) : قال بعض النحويين : "(بَناها)" من صلة"(السَّماءُ)". المعنى : التي بناها.
__________________
(١) ذكره الماوردي (٦ / ١٩٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ٢١).
(٢) مثل السابق.
(٣) أخرجه الطبري (٣٠ / ٤٢). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٤٠٩) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة. ومن طريق آخر عن الحسن ، وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) في الأصل : أضعف. والتصويب من ب.
(٥) معاني الزجاج (٥ / ٢٨٠).