وقال بعضهم : السماء ليس مما يوصل ، ولكن المعنى : أأنتم أشد خلقا أم السماء أشد خلقا.
ثم بيّن كيف خلقها فقال : (بَناها).
ثم بيّن البناء فقال : (رَفَعَ سَمْكَها).
قال الزمخشري (١) : جعل مقدار ذهابها في سمت العلو مديدا رفيعا مسيرة خمسمائة عام ، (فَسَوَّاها) فعدّلها مستوية ملساء ، ليس فيها تفاوت ولا فطور ، أو فتمّمها بما علم أنها تتمّ به وأصلحها ، من قولك : سوّى فلان أمر فلان.
قوله تعالى : (وَأَغْطَشَ لَيْلَها) أي : أظلمه ، والغطش والغبش : الظّلمة ، ورجل أغطش : أعمى.
(وَأَخْرَجَ ضُحاها) أبرز ضوء شمسها ، بدليل قوله : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) [الشمس : ١] أي : وضوؤها ، وأضيف الليل والشمس إلى السماء ؛ لأنهما ينزلان منها وينشآن عنها.
(وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ) أي : بعد خلق السماء (دَحاها).
قال ابن عباس وغيره من المفسرين واللغويين : " دحاها" بمعنى : بسطها (٢). والدّحو : البسط.
قال عبد الله بن عمر وعكرمة وعطاء وجمهور المفسرين : خلق الأرض قبل
__________________
(١) الكشاف (٤ / ٦٩٧).
(٢) أخرجه الطبري (٣٠ / ٤٦ ـ ٤٧). وذكره الماوردي (٦ / ١٩٩) ، والسيوطي في الدر (٨ / ٤١١) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة. ومن طريق آخر عن مجاهد ، وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد.