السماء ، ثم خلق السماء ، ثم دحى الأرض بعد خلق السماء (١).
وحمل القائلون بتكامل خلق الأرض قبل السماء" بعد" على معنى : قبل ، كقوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) [الأنبياء : ١٠٥] ، ومنهم من قال : " بعد" بمعنى : مع ، قالوا : ومنه قوله : (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ) [القلم : ١٣] ، أي : مع ذلك. ويؤيده قراءة مجاهد : " عند ذلك دحاها".
وقد ذكرنا في البقرة اختلاف العلماء في السابقة (٢) بالخلق ، وبيّنّا الصواب من ذلك.
قوله تعالى : (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها)(٣) قال ابن عباس : فجّر الأنهار والبحار والعيون (٤).
(وَمَرْعاها) ما يأكله الناس والأنعام ، وهو قوله : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ).
واستعير الرعي للإنسان كما استعير الرتع في قوله : (يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) [يوسف : ١٢].
قال الزمخشري (٥) : " مرعاها" : رعيها ، وهو في الأصل موضع الرعي. ونصب الأرض والجبال بإضمار" دحا" و" أرسى" ، وهو الإضمار على شريطة التفسير.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٣٠ / ٤٥). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٤١٢) وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٢) في الأصل زيادة قوله : في.
(٣) في الأصل زيادة قوله : وَمَرْعاها. وستأتي بعد.
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٤٢١).
(٥) الكشاف (٤ / ٦٩٧).