الصّغر ، وهم حالتا ضعف وعجز. والمقصود من سياق هذه الآية : بيان شدائد القيامة وأهوالها ، فأعلم الله عزوجل أن الناس في القيامة تخامرهم مخاوف وزلازل تذهل القريب المرجوّ لدفع الكرب والشدائد ، وتوجب فراره عن أعزّ الناس عليه ، وأقربهم إليه ، فبدأ بالأخ ؛ لما بينه وبين أخيه من القرابة القريبة ، وكونه أشدّ معاضدة لأخيه ومناصرة له ، على المعنى الذي ذكرناه.
ثم رأيت بعد ذلك صاحب الكشاف قد ذكر معنى آخر غير هذا فقال (١) : بدأ بالأخ ، ثم بالأبوين ؛ لأنهما [أقرب](٢) منه ، ثم بالصاحبة والبنين ؛ لأنهم أقرب وأحبّ ، كأنه قيل : يفر من أخيه ، بل من أبويه ، بل من صاحبته وبنيه.
قوله تعالى : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) قال الفراء (٣) : يشغله عن قرابته.
وقال ابن قتيبة (٤) : يصرفه.
وقال غيرهما (٥) : " يغنيه" بمعنى : يكفيه في الاهتمام به.
وقرأ جماعة ، منهم : أبو عبد الرحمن السلمي ، والزهري ، وأبو العالية ، وابن السميفع : " يعنيه" بفتح الياء وعين مهملة (٦) ، بمعنى : شأن لا يهمّه غيره.
أخبرنا المؤيد بن محمد في كتابه قال : أخبرنا عبد الجبار بن أحمد بن محمد
__________________
(١) الكشاف (٤ / ٧٠٦).
(٢) في الأصل : قريب. والتصويب من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٣) معاني الفراء (٣ / ٢٣٨).
(٤) تفسير غريب القرآن (ص : ٥١٥).
(٥) هذا قول الزمخشري في الكشاف (٤ / ٧٠٦).
(٦) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٩ / ٣٥) ، والدر المصون (٦ / ٤٨٢).