قوله تعالى : (إِنَّهُمْ) يعني : كفار قريش (يَكِيدُونَ كَيْداً) يعملون المكايد في إبطال أمري ، وإطفاء النور الذي بعثت به رسولي.
(وَأَكِيدُ كَيْداً) أستدرجهم من حيث لا يعلمون.
(فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ) ارتقبهم منتظرا ما أحلّ بهم في الدنيا من العذاب والصّغار ، فظهر ذلك في يوم بدر وغيره ، حتى استأصل الله تعالى شأفتهم ، وأسكت نامتهم.
(أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) أي : إمهالا يسيرا. و" رويدا" نصب على المصدر (١).
قال ابن قتيبة (٢) : لا يتكلم برويدا إلا مصغّرة مأمورا بها ، وجاءت في الشعر بغير تصغير في غير [معنى](٣) الأمر.
وأنشد الكسائي :
تكاد لا تكلم البطحاء خطوته |
|
كأنه ثمل يمشي على رود (٤) |
وبعض المفسرين يقول : الإمهال منسوخ بآية السيف (٥). ولا مدخل للنسخ هاهنا ، على ما قررنا في غير موضع. [والله أعلم](٦).
__________________
(١) انظر : التبيان (٢ / ٢٨٥) ، والدر المصون (٦ / ٥٠٨).
(٢) تأويل مشكل القرآن (ص : ٥٥٩).
(٣) زيادة من تأويل مشكل القرآن (ص : ٥٥٩).
(٤) البيت للجموح الظفري ، وهو في : اللسان (مادة : رود) ، وابن يعيش (٤ / ٢٩) ، وشرح القصائد السبع لابن الأنباري (ص : ٤٠٣) ، والدر المصون (٦ / ٥٠٨) ، وتاج العروس (مادة : رود).
(٥) انظر دعوى النسخ في : الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص : ١٩٦) ، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص : ٦٥) ، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص : ٥٠٦).
(٦) بياض في الأصل قدر كلمتين. والزيادة من ب.