وأخرج أيضا من حديث عائشة قالت : «يا رسول الله! إن وافقت ليلة القدر فبما أدعو؟ قال : قولي : اللهم! إنك عفو تحب العفو فاعف عني» (١).
وقال ابن عباس : ذكر للنبي صلىاللهعليهوسلم رجل من بني إسرائيل حمل السلاح في سبيل الله على عاتقه ألف شهر ، فعجب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لذلك ، وتمنى أن يكون ذلك في أمته ، فأعطاه الله ليلة القدر ، وقال : هي خير من الألف شهر التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله عزوجل (٢).
وقيل : إن الرجل فيما مضى ما كان يقال له عابد ، حتى يعبد الله ألف شهر ، فأعطيت هذه الأمة ليلة القدر ، وجعل إحياؤها خيرا من عبادة العابد من أولئك ألف شهر.
قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) أي : تنزل الملائكة والروح جبريل إلى الأرض بالرحمة من الله تعالى ، والسّلام على أوليائه. ففي حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة (٣) من الملائكة ، يصلّون ويسلّمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عزوجل» (٤).
(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) أي : بأمره (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) أي : بكل أمر ؛ كقوله : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) [الرعد : ١١].
والمعنى : بكل أمر قضاه الله عزوجل لتلك السنة إلى قابل.
__________________
(١) أخرجه أحمد (٦ / ١٨٢ ح ٢٥٥٣٤).
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥٣٧) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٩١ ـ ١٩٢).
(٣) الكبكبة : الجماعة من الناس (اللسان ، مادة : كبب).
(٤) أخرجه البيهقي في الشعب (٣ / ٣٤٣ ح ٣٧١٧).