(عَلى ذلِكَ) إشارة إلى كنود الإنسان (لَشَهِيدٌ). والقولان عن ابن عباس.
فإن قلنا : تعود الكناية إلى الله ـ وهو قول أكثر المفسرين ـ ؛ فهو تهديد.
وإن قلنا : تعود إلى الإنسان ـ وهو قول ابن كيسان ، وهو أجود في نظري ؛ لما فيه من اتحاد الضمائر وانتظامها في سمط واحد ـ ، فشهادته على ذلك : ظهور أثره عليه ، وعلمه من نفسه صحة ما نسب إليه.
(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ) وهو المال. والمعنى : لأجل حبّ المال.
(لَشَدِيدٌ) بخيل ، ممسك. يقال : فلان شديد ومتشدّد ؛ إذا كان بخيلا ممسكا (١). وأنشدوا قول طرفة :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي |
|
عقيلة مال الفاحش المتشدّد (٢) |
وقيل : [وإنه](٣) لحب المال لشديد قوي مطيق ، وهو في شكر نعمة الله ضعيف.
وقال الفراء (٤) : كان موضع الحب : أن يكون بعد" لشديد" ، وأن يضاف شديد إليه ، فيقال : وإنه لشديد الحب للخير ، فلمّا تقدّم" الحبّ" قبل" شديد" حذف من آخره ؛ لما جرى ذكره في أوله ، ولرؤوس الآيات.
(أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ) أي : أثير وأخرج (ما فِي الْقُبُورِ).
__________________
(١) انظر : اللسان (مادة : شدد).
(٢) البيت لطرفة بن العبد ، انظر : ديوانه (ص : ٣٤) ، واللسان (مادة : شدد ، فحش ، عيم) ، وتاج العروس (مادة : شدد ، عقل) ، والعين (٢ / ٢٦٩) ، والبحر المحيط (٨ / ٥٠٢) ، والدر المصون (٦ / ٥٦١).
(٣) في الأصل : إنه. والمثبت من ب.
(٤) معاني الفراء (٣ / ٢٨٦).