وقالت طائفة من أهل العلم : [لم يشترط ردّهنّ في العقد لفظا ، وإنما](١) أطلق العقد [في ردّ](٢) من أسلم ، فكان ظاهر العموم اشتماله عليهن مع الرجال ، فبيّن الله تعالى خروجهن عن عمومه ، وفرّق بينهن وبين الرجال لأمرين :
أحدهما : أنهنّ ذوات فروج يحرمن عليهم.
والثاني : أنهنّ أرقّ قلوبا وأسرع تقلبا منهم.
فأما المقيمة على شركها فمردودة عليهم.
قال القاضي أبو يعلى رحمهالله : إنما لم يردّ النساء عليهم ؛ لأن النسخ جائز بعد التمكّن من الفعل وإن لم يقع الفعل (٣).
قال ابن زيد : وإنما أمر بامتحانهن ؛ لأن المرأة كانت بمكة إذا غضبت على زوجها تقول : لألحقنّ بمحمد (٤).
واختلفوا فيما كان يمتحنهنّ به ، فأخبرنا الشيخان أبو القاسم السلمي وأبو الحسن الصوفي ، قالا : أخبرنا عبد الأول ، أخبرنا عبد الرحمن ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد ، حدثنا البخاري ، حدثنا إسحاق ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن أخي ابن شهاب ، عن عمه قال : أخبرني عروة ، أن عائشة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم أخبرته : «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) إلى قوله : (غَفُورٌ رَحِيمٌ). قال عروة : قالت
__________________
(١) زيادة من الماوردي (٥ / ٥٢١).
(٢) في الأصل : ورد. والمثبت من ب ، والماوردي ، الموضع السابق.
(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٢٤٠).
(٤) أخرجه الطبري (٢٨ / ٦٨). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٢٤٠).