ليرة ، ومثل هذا المبلغ يمكن جمعه من أهالى جدة الأغنياء وتجارها الميسورى الحال بسهولة إلا أن معظم الأغنياء يمتلكون الصهاريج السالفة الذكر ، ولا يحتاجون إلى ماء بل إنهم يحاربون مثل هذا المشروع لكسبهم مقدارا من النقود باتجارهم بالماء ، وسيعملون على عدم جلب هذا الماء. ومن هنا يتضح أن جلب هذا الماء يقع على عاتق الحكومة السنية ، وعلى همة رجالها ويتمنى الأهالى والحجاج أن يتم هذا العمل الخير فى عهد سلطان عصر المبرات والخيرات. وحمدا لله إذ تقرر فى عهد عثمان باشا والى الحجاز إجراء ماء (عين الوزير) إلى جدة ، وهيئت أسباب إجرائها اللازمة وصرفت المساعى باتفاق الأهالى وفى ظل حضرة السلطان ، وفق فى إدخال الماء المذكور داخل المدينة وسميت (العين الحميدية) وبنيت طرقها بالحجارة فى شكل منتظم.
أنقذ هذا الأثر الجليل الحجاج والأهالى من شرب المياه المتعفنة ، وتسبب فى عمران جدة وجلب شكر الناس ودعواتهم لحضرة الخليفة إلى يوم القيامة.
وإن صادف إجراء العين الحميدية لعهد والى الحجاز الحالى صفوت باشا وينسب له فضل هذا التوفيق إلا أن جلب العين المذكورة تمّ بهمّة سالف الذكر عثمان باشا وخلفه جميل باشا وما بذلا من جهد عظيم ، لذا يخطئ الذين يختصون صفوت باشا بهذا التوفيق.
ومجرى ماء (عين الحميدية) ابتداء من سفوح الجبل الذى على الجهة الشرقية من المدينة وعلى بعد ثلاث ساعات منها إلى نقطة بعيدة ثلاثين دقيقة فى خارج جدة مبنى بالحجارة ومن هنا إلى المقسم الجسيم فى كل اتصاله فرشت اسطوانات مزدوجة قطرها اثنا عشر سنتيمترا. ومن هذا المقسم للطرق التى تتفرع إلى أربعة فروع فرشت الأسطوانات الطينية.
وقد بنى مخزن كبير فى المحل الذى يسمى (عيدروس) لجدة وهذا المكان فى اتصال باب مكة للسور ، يسمى مقسما لماء عين الحميدية وإلى جهة ما لهذا المخزن بنى سبيل كما بنى سبيل آخر بعد ذلك للمياه التى أجريت إلى المستشفى