تلك الطائفة قائلين بأنها كانت ذاهبة إلى القبيلة الفلانية للإغارة عليها والاستيلاء على أموالها ، وإنهم يثبتون صدق مدعاهم بموافقة ما أخبروه للأحداث.
حتى إن قبيلة ما حينما تتجه إلى مقر قبيلة للإغارة عليها ليلا فإذا رأت آثار أقدام كثيرة ، فهم بدلالة فن تتبع آثار الأقدام أن هذه الجماعة لا يمكنها أن تقاوم أعدادها لذلك تبدل طريقها وتغير جهة سيرها.
وإذا رأى العربان العائدون دون أن يوفقوا فى القبض على الجماعة التى كانوا يقصدونها آثار أقدام عربان أخرى فيتتبعونهم حتى يدركونها وينهبون أموالها ، ويسلبونها ويطلق العربان على هذه المقاتلات بينهم للسلب والنهب اسم غزوة».
وبين العرب طائفة تعرف ب «القصاصون» ولما كان شغلهم الشاغل الاهتمام بتتبع الآثار ، لذا فهم يتفوقون على سائر العربان فى هذا الخصوص.
وإذا ما قتل أحد البدو الآخر أو سرق ماله ، أو ارتكب منكرا آخر فهرب من خوفه ، فإذا لم يعرف أفراد القبيلة الهارب فإنهم يأتون برجل من طائفة القصاصين ليتتبع آثار الرجل ، وهكذا يبدأ الرجل فى تتبع آثار الرجل بشم رائحة الحجارة ويتعقبه ، وحس القصاص فى هذا الخصوص مصيب لأقصى درجة حتى إنه يستطيع أن يعرف إذا كان صاحب الأثر رجلا أو امرأة ، وإذا كانت امرأة هل هى بكر أو ثيب وإذا كانت ثيب ، هل هى حامل؟ أم لا؟ كما يعرف من آثار الإبل هل هى محملة أو غير محملة وذلك من تأثير قوائمها على الأرض.
ولما كانت آثار أكثر الناس قد ثبتت فى أذهان القصاصين فإذا ما رأوا آثارهم يخبرون قائلين : «هذا أثر قدم فلان بن فلان. ويؤكدون صحة أقوالهم بمطابقتها بالواقع.
وقد حدث مرارا وبعد التجارب أن قصاصا قد تعقب آثار أقدام حيث اختفى صاحبها فى مكان ما أو فى منزله وقبض عليه. وعندما يدل أحد القصاصين على أثر قدم فالقصاص يخبر بهوية هذا الرجل وأين ذهب وما القصد من ذهابه وما