في عملية الاستنباط ، ويفرض على الفقيه وضع القواعد الاصولية العامّة لعلاج تلك الفجوات.
وبالرغم من أنّ المحدِّث الأسترآبادي كان هو رائد الحركة الأخبارية فقد حاول في فوائده المدنية أن يرجع بتأريخ هذه الحركة إلى عصر الأئمّة ، وأن يثبّت لها جذوراً عميقةً في تأريخ الفقه الإمامي لكي تكتسب طابعاً من الشرعية والاحترام ، فهو يقول : إنّ الاتّجاه الأخباري كان هو الاتّجاه السائد بين فقهاء الإمامية إلى عصر الكليني والصدوق وغيرهما من ممثّلي هذا الاتّجاه في رأي الأسترآبادي ، ولم يتزعزع هذا الاتّجاه إلّا في أواخر القرن الرابع وبعده ؛ حين بدأ جماعة من علماء الإمامية ينحرفون عن الخطّ الأخباري ويعتمدون على العقل في استنباطهم ، ويربطون البحث الفقهي بعلم الاصول تأثّراً بالطريقة السنّية في الاستنباط ، ثمّ أخذ هذا الانحراف بالتوسّع والانتشار (١).
ويذكر المحدّث الأسترآبادي (٢) بهذا الصدد كلاماً للعلّامة الحلّي ـ الذي عاش قبله بثلاثة قرون ـ جاء فيه التعبير عن فريقٍ من علماء الإمامية بالأخباريّين ، ويستدلّ بهذا النصّ على سبق الاتّجاه الأخباري تأريخياً.
ولكنّ الحقيقة أنّ العلّامة الحلّي يشير بكلمة «الأخباريّين» (٣) في حديثه إلى مرحلةٍ من مراحل الفكر الفقهي ، لا إلى حركةٍ ذات اتّجاهٍ محدّد في
__________________
(١) الفوائد المدنية : ٤٣ ـ ٤٤
(٢) المصدر السابق : ٤٤
(٣) نهاية الاصول (مخطوط) : ٢٩٦