الإدراك العقلي
الإدراك العقلي : هو الوسيلة الرئيسية الثانية التي تستخدم في بحوث هذا العلم لإثبات العناصر المشتركة في عملية الاستنباط ، إذ قد يكون العنصر المشترك في عملية الاستنباط ممّا ندركه بعقولنا دون حاجةٍ إلى بيانٍ شرعيٍّ لإثباته ، من قبيل القانون القائل : «إنّ الفعل لا يمكن أن يكون حراماً وواجباً في وقتٍ واحد» ، فإنّنا لا نحتاج في إثبات هذا القانون إلى بيانٍ شرعيٍّ يشتمل على صيغةٍ للقانون من هذا القبيل ، بل هو ثابت عن طريق العقل ؛ لأنّ العقل يدرك أنّ الوجوب والحرمة صفتان متضادّتان ، وأنّ الشيء الواحد لا يمكن أن يشتمل على صفتين متضادّتين ، فكما لا يمكن أن يتّصف الجسم بالحركة والسكون في وقتٍ واحدٍ كذلك لا يمكن أن يتّصف الفعل بالوجوب والحرمة معاً.
والإدراك العقلي له مصادر متعدّدة ودرجات مختلفة.
فمن ناحية المصادر ينقسم الإدراك العقلي إلى أقسام :
منها : الإدراك العقلي القائم على أساس الحسِّ والتجربة. ومثاله : إدراكنا أنّ الماء يغلي إذا بلغت درجة حرارته مائة ، وأنّ وضعه على النار إلى مدّةٍ طويلة يؤدّي إلى غليانه.
ومنها : الإدراك العقلي القائم على أساس البداهة. ومثاله : إدراكنا جميعاً أنّ الواحد نصف الاثنين ، وأنّ الضدّين لا يجتمعان ، وأنّ الكلّ أكبر من الجزء. فإنّ هذه الحقائق بديهية ينساق إليها الذهن بطبيعته دون عناءٍ أو تأمّل.
ومنها : الإدراك القائم على أساس التأمّل النظري. ومثاله : إدراكنا أنّ المعلول يزول إذا زالت علّته ، فإنّ هذه الحقيقة ليست بديهية ، ولا ينساق إليها