إلّا أخباراً مختلفةً وأحاديث متعارضةً يحتاج فيها إلى العرض على الكتاب والسنّة المعلومة ... ، فإنّه لا بدّ له من الإعداد والاستعداد والتدرّب في ذلك كي لا يزلّ ، فإنّه إنّما يتناول من بين مشتبك القنا» (١).
وفي هذا الضوء نعرف أنّ تأخّر علم الاصول تأريخياً لم ينتج فقط عن ارتباطه بتطوّر الفكر الفقهي ونموّ الاستنباط ، بل هو ناتج أيضاً عن طبيعة الحاجة إلى علم الاصول فإنّها حاجة تأريخية توجد وتشتدّ تبعاً لمدى الابتعاد عن عصر النصوص.
وعلى الضوء المتقدِّم الذي يقرّر أنّ الحاجة إلى علم الاصول حاجة تأريخية نستطيع أن نفسِّر الفارق الزمني بين ازدهار علم الاصول في نطاق التفكير الفقهي السنّي وازدهاره في نطاق تفكيرنا الفقهي الإمامي ، فإنّ التأريخ يشير إلى أنّ علم الاصول ترعرع وازدهر نسبياً في نطاق الفقه السنّي قبل ترعرعه وازدهاره في نطاقنا الفقهي الإمامي ، حتّى أنّه يقال : إنّ علم الاصول على الصعيد السنّي دخل في دور التصنيف في أواخر القرن الثاني ، إذ ألّف في الاصول كلّ من الشافعي (٢) ـ المتوفّى سنة ١٨٢ (٣) ه ـ ومحمد بن الحسن الشيباني (٤) ـ المتوفّى
__________________
(١) وسائل الشيعة للأعرجي : ٤ من المقدّمة
(٢) كالرسالة ، وإبطال الاستحسان
(٣) المذكور في ترجمته أنّه توفّي سنة (٢٠٤ ه) ، انظر تهذيب التهذيب ٩ : ٢٩ ، وفيات الأعيان ٤ : ١٦٥ ، تأريخ بغداد ٢ : ٧٠
(٤) ككتاب الأصل