الطبيعة هو إحدى النزعات العالمية الخالدة في تاريخ الإنسان ، وقد أكّد القرآن الكريم على هذه الحقيقة بقوله :
( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأََرْضَ لَيَقُولُنَّ الله قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) (١).
والناس جميعاً مجبولون بفطرتهم على الإيمان بالخالق تعالى ، حيث تبدأ تساؤلات الإنسان منذ صغره عن سرّ وجوده ونشأة الكون ومصير هذه الحياة ، ولا فرق بين إنسان وآخر في الإيمان بهذه الحقيقة ، فالجميع متساوون منذ الخلقة الاولى وإلى يومنا هذا.
والناس متساوون في التوجّه إلى الله تعالى ، فهو خالقهم وخالق جميع ما في الكون ، وهم متساوون في الشعور بانّه خالق مطلق ، له احاطة تامة بالعالم كلّه ، وبالأرض كلها ، وبالناس كلهم ، يعلم ما يحيط بالانسان ، وهو المهيمن على سكنات النفوس وحركاتها ، وما تخفي الصدور ، وإليه تعالى المصير ، فهو المبدأ وهو المنتهى ، قال تعالى : ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) (٢).
والناس متساوون في موجبات الهداية ، وموحيات الايمان ، فهي ممتزجة بكيانهم الذي زودته بهم الفطرة والعقل السليم ، فكل مافي الكون يدل على وجوده تعالى ، وقد بيّن لهم تعالى ما يدل عليه من خلال التفكر في الكون والحياة وفي أنفسهم.
وهم متساوون في شمولهم بالرأفة والرحمة الإلهية ؛ قال تعالى : ( وَالله
__________________
(١) سورة لقمان : ٣١ / ٢٥.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٦٣.