فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ... ) (١).
وحول تفسير الآية الكريمة قال العلاّمة الطبرسي : « إنّ المراد ليس في الدين إكراه من الله ، ولكنّ العبد مخيّر فيه لأنّ ما هو دين في الحقيقة هو من أفعال القلوب إذا فعل لوجه وجوبه ، فأمّا ما يكره عليه من إظهار الشهادتين فليس بدين حقيقة » (٢).
وقال العلاّمة الطباطبائي : « وهذه إحدى الآيات الدالّة على أنّ الإسلام لم يبتنِ على السيف والدم ولم يفتِ بالاكراه والعنوة على خلاف ما زعمه عدة من الباحثين من المنتحلين وغيرهم انّ الإسلام دين السيف ... انّ القتال الذي ندب إليه الإسلام ليس لغاية احراز التقدّم وبسط الدين بالقوة والاكراه ، بل لإحياء الحق والدفاع عن أنْفَسِ متاعٍ للفطرة وهو التوحيد ، وأمّا بعد انبساط التوحيد بين الناس وخضوعهم لدين النبوة ولو بالتهوّد والتنصّر ، فلا نزاع لمسلم مع موحّد ولا جدال ».
وقال أيضاً : « إن الآية أعني قوله : ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) (٣) غير منسوخة بآية السيف » (٤).
وقد جسّد رسول الله صلىاللهعليهوآله هذه الحقيقة في سيرته العملية ، فلم يكره أيّ أحد على تبني العقيدة الإسلامية ، ففي أوائل هجرته « جاءه اليهود : ( قريظة والنضير والقينقاع ) فقالوا : يامحمّد إلى ما تدعو ؟ قال : إلى شهادة أنّ لا إله إلاّ
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٦.
(٢) مجمع البيان / الطبرسي ١ : ٣٦٤.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٦.
(٤) الميزان في تفسير القرآن / السيد الطباطبائي ٢ : ٣٤٣.