مهتدي بن حارث الحسينيّ المرعشيّ ، عن الشيخ الصدوق أبي عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستيّ عن أبيه ، عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه القميّ رحمه الله تعالى قال : أخبرنا أبو الحسن محمّد بن القاسم الأستراباديّ الخطيب رحمه الله تعالى ، قال : حدّثني أبو يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد ، وأبو الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار (١) ـ وكانا من الشيعة الإماميّة ـ قالا : كان أبوانا إماميّين ، وكانت الزيديّة هم الغالبين بأستراباد ، وكانا في إمارة الحسن بن زيد العلويّ الملقّب بالداعي إلى الحقّ إمام الزيديّة (٢) وكان كثير الإصغاء إليهم يقتل الناس بسعاياتهم فخشيناهم على أنفسنا ، فخرجنا بأهلينا إلى حضرة الإمام الحسن بن عليّ بن محمّد أبي القائم عليهمالسلام فأنزلنا عيالاتنا في بعض الخانات(٣) ثم استأذنّا على الإمام الحسن بن عليّ عليهماالسلام فلمّا رآنا قال : مرحباً بالآوين إلينا الملتجئين إلى كنفنا (٤) قد تقبّل الله سعيكما ، وآمن روعتكما (٥) وكفاكما أعداءكما فانصرفا آمنين على أنفسكما وأموالكما ، فعجبنا من قوله ذلك لنا مع أنّا لم نشكّ في صدقه في مقاله فقلنا : بماذا تأمرنا أيّها الإمام أن نصنع إلى أن ننتهي إلى هناك ؟ وكيف ندخل ذلك البلد ومنه هربنا ؟ وطلب سلطان البلد لنا حثيث (٦) ووعيده إيّانا شديد ! فقال : خلّفا عليّ ولديكما هذين لاُفيدهما العلم الّذي يشرّفهما الله تعالى به ، ثمّ لا تحفلا بالسعاة ولا بوعيد المسعيّ إليه ، فإنّ الله تعالى يقصّم السعاة (٧) ويلجئهم إلى شفاعتكم فيهم عند من قد هربتم منه .
قال أبو يعقوب وأبو الحسن : فاتمرا بما أمر وخرجا وخلّفانا هناك فكنّا نختلف
________________________
(١) تقدم ترجمته في المقدمة الثانية .
(٢) عنونه ابن النديم في فهرسه هكذا : الحسن بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن على عليهما السلام الملقب بالداعي الى الحق ، ظهر بطبرستان في سنة ٢٥٠ ومات بها مملكا عليه سنة ٢٧٠ .
(٣) الخان : محل نزول المسافرين ويسمى الفندق . والجمع : خانات .
(٤) الكنف : الجانب . وكنف الطائر جناحاه .
(٥) الروعة : الفزعة .
(٦) الحثيث : السريع .
(٧) قصم الرجل : اهلكه . والسعاية : النميمة والوشاية .