إليه فيلقانا ببرّ الآباء وذوي الأرحام الماسّة ، فقال لنا ذات يوم : إذا أتاكما خبر كفاية الله عزّ وجلّ أبويكما وإخزاؤه أعداءهما وصدق وعدي إيّاهما ، جعلت من شكر الله عزّ وجلّ أن اُفيدكما تفسير القرآن مشتملاً على بعض أخبار آل محمّد عليهمالسلام فيعظم بذلك شأنكما . قال : ففرحنا ، وقلنا يابن رسول الله فإذاً نأتي على جميع علوم القرآن ومعانيه قال : كلّا إنّ الصادق عليهالسلام علّم ما اُريد أن اُعلّمكما بعض أصحابه ، ففرح بذلك فقال يابن رسول الله قد جمعت علم القرآن كلّه فقال : قد جمعت خيراً كثيراً ، واُوتيت فضلاً واسعاً ، ولكنّه مع ذلك أقلّ قليل أجزاء علم القرآن إنّ الله عزّ وجلّ يقول : قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مدداً (١) .
ويقول : ولو أنّ ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله (٢) . وهذا علم القرآن ومعانيه وما اودع من عجائبه ، فكم قد ترى مقدار ما أخذته من جميع هذا ؟ ولكنّ القدر الّذي أخذته قد فضّلك الله به على كلّ من لا يعلم كعلمك ، ولا يفهم كفهمك .
قالا : فلم نبرح من عنده حتّى جاءنا فيج (٣) قاصد من عند أبوينا بكتاب يذكر فيه أنّ الحسن بن زيد العلويّ قتل رجلاً بسعاية اُولئك الزيديّة واستصفى ماله ، ثمّ أتت الكتب من النواحي والأقطار المشتملة على خطوط الزيديّة بالعذل الشديد ، والتوبيخ العظيم ، يذكر فيها أنّ ذلك المقتول كان أفضل زيديّ على ظهر الأرض ، وأنّ السعاة قصدوه لفضله وثروته فشكر لهم وأمر بقطع آنافهم وآذانهم ، وأنّ بعضهم قد مثل به كذلك و آخرين قد هربوا ، وأنّ العلويّ ندم واستغفر وتصدّق بالأموال الجليلة ، بعد ردّ أموال ذلك المقتول على ورثته ، وبذل لهم أضعاف دية وليّهم المقتول واستحلّهم ، فقالوا : أمّا الدية فقد أحللناك منها : وأمّا الدم فليس إلينا ، إنّما هو إلى المقتول ، والله الحاكم . وأنّ العلويّ نذر لله عزّ وجل أن لا يعرض للنّاس في مذاهبهم . وفي كتاب أبويهما : أنّ الداعي
________________________
(١) الكهف : ١٠٩
(٢) لقمان : ٢٦
(٣) في المصباح الفيج : الجماعة ، وقد يطلق على الواحد فيجمع على فيوج وافياج . وفي الصراح : الفيج معرب پيك .