أبا جعفر ؟ قال جعفر : لا تحملوا على القياس فليس من شيء يعدله القياس إلّا والقياس يكسره .
بيان : قوله عليهالسلام : وصاروا في موضعنا أي رفعوا أنفسهم عن تقليد الإمام و ادَّعوا الإمامة حقيقةً حيث زعموا أنّهم يقدرون على العلم بأحكام الله من غير نصّ ، وقوله : فليس من شيء يعدله القياس أي ليس شيء يحكم القياس بعدله وصدقه إلّا ويكسره قياس آخر يعارضه ، فلا عبرة به ولا يصلح أن يكون مستنداً لشيء لوهنه .
٢٩ ـ ما : المفيد ، عن عليِّ بن خالد المراغيّ ، عن أحمد بن الصلت ، عن حاجب ابن الوليد ، عن الوصّاف بن صالح ، عن أبي إسحاق ، عن خالد بن طليق قال : سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام يقول : ذمَّتي بما أقول رهينة وأنا به زعيمٌ إنّه لا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل ، ألا إنّ الخير كلَّ الخير فيمن عرف قدره ، وكفى بالمرء جهلاً أن لا يعرف قدره ، إنّ أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علماً من أغمار غشوة وأوباش فتنة فهو في عمىً عن الهدى الّذي اُتي به من عند ربّه وضالٌّ عن سنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله يظنّ أنّ الحقّ في صحفه ، كلّا والّذي نفس ابن أبي طالب بيده قد ضلّ وأضلّ من افترى ، سمّاه رعاع الناس عالماً ولم يكن في العلم يوماً سالماً فكّر فاستكثر ، ما قلّ منه خير ممّا كثر ، حتّى إذا ارتوى من غير حاصل واستكثر من غير طائل ، جلس للناس مفتياً ضامناً لتخليص ما اشتبه عليهم ، فإن نزلت به إحدى المهمّات هيّأ لها حشواً من رأيه ثمّ قطع على الشبهات ، خبّاط جهالات ، ركّاب عشوات والناس من علمه في مثل غزل العنكبوت ، لا يعتذر ممّا لا يعلم فيسلم ، ولا يعضُّ على العلم بضرس قاطع فيغنم ، تصرخ منه المواريث ، وتبكي من قضائه الدماء ، وتستحلُّ به الفروج الحرام غير مليىء والله بإصدار ما ورد عليه ، ولا نادم على ما فرط منه ، اُولئك الّذين حلّت عليهم النياحة وهم أحياء . فقال : يا أمير المؤمنين فمن نسأل بعدك وعلى ما نعتمد ؟ فقال : استفتحوا كتاب الله فإنّه إمام مشفق ، وهاد مرشد ، وواعظ ناصح ، ودليل يؤدّي إلى جنّة الله عزّ وجلّ .
بيان :
الإغمار جمع غُمر بالضمّ وهو الجاهل الغرّ الذي لم يجرِّب الاُمور .