وأغشّكم لنفسه أعصاكم لربّه ، ومن يطع الله يا من ويستبشر ، ومن يعص الله يخب (١) ويندم .
٧٠ ـ وعن أبي عبد الله عليهالسلام قال كان لموسى بن عمران عليهالسلام جليس من أصحابه قد وعى علماً كثيراً ، فاستأذن موسى في زيارة أقارب له ، فقال له موسى : إنّ لصلة القرابة لحقّاً ، ولكن إيّاك أن تركن إلى الدنيا فإنَّ الله قد حملك علماً فلا تضيّعه وتركن إلى غيره ، فقال الرجل : لا يكون إلّا خيراً ، ومضى نحو أقاربه فطالت غيبته ، فسأل موسى عليهالسلام عنه فلم يخبره أحد بحاله ، فسأل جبرئيل عليهالسلام عنه ، فقال له : أخبرني عن جليسي فلان ألك به علم ؟ قال : نعم هو ذا على الباب قد مسخ قرداً في عنقه سلسلةٌ ، ففزع موسى عليهالسلام إلى ربّه وقام إلى مصلّاه يدعو الله ، ويقول : يا ربّ صاحبي وجليسي ، فأوحى الله إليه يا موسى لو دعوتني حتّى ينقطع ترقوتاك (٢) ما استجبت لك فيه ، إنّي كنت حملته علماً فضيّعه وركن إلى غيره .
٧١ ـ وقال أبو عبد الله عليهالسلام : العلم مقرون إلى العمل ، فمن علم عمل ، ومن عمل علم ، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلّا ارتحل .
( باب ١٠ )
* ( حق العالم ) *
الايات ، الكهف : قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا . « إلى قوله تعالى » : إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا ٧٦ .
أقول : يظهر من كيفيّة معاشرة موسى عليهالسلام مع هذا العالم الربّانيّ وتعلّمه منه أحكامٌ كثيرةٌ : من آداب التعليم والتعلّم ، من متابعة العالم ، وملازمته لطلب العلم ، وكيفيّة
________________________
(١) أي لم ينجح .
(٢) الترقوة : مقدم الحلق في أعلى الصدر حيث يترقّى فيه النفس .