في مراتب الارتقاء فتسبق إلى الكمالات حتى تصير من المكملات ، أو صفات أنفس الغزاة أو أيديهم تنزع القسي بإغراق السهام ، وينشطون بالسهم للرمي ويسبحون في البر والبحر فيسبقون إلى حرب العدو فيدبرون أمرها ، أو صفات خيلهم فإنها تنزع في أعنتها نزعا تغرق فيه الاعنة لطول أعناقها وتخرج من دار االاسلام إلى دار الكفر ، وتسبح في جريها فتسبق إلى العدو فتدبر أمر الظفر ، أقسم الله بها على قيام الساعة ، وإنما حذف لدلالة ما بعده عليه « يوم ترجف الراجفة » وهو منصوب به ، والمراد بالراجفة الاجرام الساكنة التي تشتد حركتها حينئذ كالارض والجبال ، لقوله : « يوم ترجف الارض والجبال » أو الواقعة التي ترجف الاجرام عندها وهي النفخة الاولى « تتبعها الرادفة » التابعة وهي السماء والكواكب تنشق وتنتثر ، أو النفخة الثانية ، والجملة في موقع الحال « قلوب يومئذ واجفة » شديدة الاضطراب من الوجيف وهي صفة لقلوب ، والخبر : « أبصارها خاشعة » أي أبصار أصحابها ذلية من الخوف ، ولذلك أضافها إلى القلوب « يقولون أئنا لمردودون في الحافرة » في الحالة الاولى يعنون الحياة بعد الموت ، من قولهم : رجع فلان في حافرته أي طريقه التي جاء فيها فحفرها أي أثر فيها بمشيه على النسبة كقوله : عيشة راضية « أئذا كنا عظاما ناخرة » أي بالية أو نخرة وهي أبلغ « قالوا تلك إذا كرة خاسرة » ذات خسران أو خاسر أصحابها ، والمعنى أنها أن صحت فنحن إذا خاسرون لتكذيبنا بها وهو استهزاء منهم « فإنما هي زجرة واحدة » متعلق بمحذوف أي لا يستصعبوها فما هي إلا صيحة واحدة يعني النفخة الثانية « فإذا هم بالساهرة » فأذا هم أحياء على وجه الارض بعد ما كانوا أمواتا في بطنها ، والساهرة الارض البيضاء المستوية ، وقيل : اسم جهنم.
وفي قوله تعالى : « يوم تبلى السرائر » : أي تتعرف وتميز بين ما طاب من الضمائر وما خفي من الاعمال وما خبث منها فما له « للانسان » من قوة من منعة في نفسه يمتنع بها « ولا ناصر » يمنعه.
وفي قوله تعالى : « فما يكذبك
» أي فأي شئ يكذبك يا محمد؟ دلالة أو نطقا
« بعد بالدين » بالجزاء بعد ظهور هذه
الدلائل ، وقيل : « ما » بمعنى « من » وقيل : الخطاب
للانسان على الالتفات ، والمعنى : فما الذي يحملك على هذا التكذيب؟ « أليس الله