كل شئ قدير » أي لم أقل ما قلت عن شك وارتياب ، ويحتمل أنه إنما قال ذلك لانه ازداد لما عاين وشاهد يقينا وعلما ، إذ كان قبل ذلك علمه علم استدلال فصار علمه ضرورة ومعاينة انتهى.
أقول : سيأتي تفصيل هذه القصة وما سيأتي من قصة إبراهيم عليهالسلام في كتاب النبوة مع سائر ما يتعلق بهما من الاخبار.
٤ ـ فس : « وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ » الآية حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام أن إبراهيم عليهالسلام نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع البر وسباع البحر ثم يثب السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا ، فتعجب إبراهيم « فقال : رب أرني كيف تحيي الموتى » فقال الله له : « أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم » فأخذ إبراهيم صلوات الله عليه الطاووس والديك والحمام والغراب قال الله عزوجل : « فصرهن إليك » أي قطعهن ثم اخلط لحماتهن(١) وفرقها على كل عشرة جبال ثم خذ مناقيرهن وادعهن يأتينك سعيا ، ففعل إبراهيم ذلك وفرقهن على عشرة جبال ثم دعاهن فقال : إجيبيني بإذن الله تعالى فكانت جتمع ويتألف لحم كل واحد وعظمه إلى رأسه وطارت إلى إبراهيم ، فعند ذلك قال إبراهيم : « إن الله عزيز حكيم. » « ص ٨١ »
بيان : يظهر(٢) من هذا الخبر وغيره من الاخبار أن إبراهيم عليهالسلام أراد بهذا السؤال أن يظهر للناس جواب شبهة تمسك بها الملاحدة المنكرون للمعاد حيث قالوا :
____________________
(١) في المصدر : لحمهن
(٢) الذي يظهر من سياق الاية أن ابراهيم عليهالسلام إنما سأله تعالى أن يريه كيفية إحياء الموتى لا أصل الاحياء كما يدل عليه قوله : « رب أرنى كيف تحيى الموتى » وبين الامرين فرق والذى ذكره المؤلف قدسسره وفاقا لكثير من المفسرين إنما يتم على التقدير الثانى وليس بمراد في الاية ، وقد بينا ذلك بما لا مزيد عليه في تفسير الميزان فراجع. ط.