لو أكل إنسان إنسانا وصار غذاءا له جزءا من بدنه فالاجزاء المأكولة إما أن تعاد في بدن الآكل أو في بدن المأكول ، وأياما كان لا يكون أحدهما بعينه معاد بتمامه ، على أنه لا أولوية لجعلها جزءا من احدهما دون الآخر ، ولا سبيل إلى جعلها جزءا من كل منهما ، وأيضا إذا كان الآكل كافرا والمأكول مؤمنا يلزم تنعيم الاجزاء العاصية ، أو تعذيب الاجزاء المطيعة.
واجيب بأنا نعني بالحشر إعادة الاجزاء الاصلية الباقية من أول العمر إلى آخره لا الحاصلة بالتغذية ، فالمعاد من كل من الآكل والمأكول أجزاء الاصلية الحاصلة في أول الفطرة من غير لزوم فساد ، ثم أوردوا على ذلك بأنه يجوز أن تصير تلك الاجزاء الاصلية في المأكول الفضلية في الآكل نطفة وأجزاءا أصلية لبدن آخر ويعود المحذور.
واجيب بأنه لعل الله يحفظها من أن تصير جزءا لبدن آخر فضلا عن أن تصير جزءا أصليا ، وتلك الاخبار تدل على أن ما في الاية الكريمة أشارة إلى هذا الكلام أي أنه تعالى يحفظ أجزاء المأكول في بدن الآكل ، ويعود في الحشر إلى بدن المأكول ، كما أخرج تلك الاجزاء المختلطة والاعضاء الممتزجة من تلك الطيور وميز بينها ، ثم قوله تعالى : « فصرهن » قيل : هو مأخوذ من صاره يصوره : إذا أماله ، ففي الكلام تقدير أي أملهن وضمهن إليك وقطعهن ثم اجعل ، وقال ابن عباس وابن جبير والحسن و مجاهد : صرهن إليك معناه : قطعهن ، يقال : صار الشئ يصوره صورا : إذا قطعه ، وظاهر قوله عليهالسلام : فقطعهن أنه تفسير لقوله تعالى : « فصرهن » ويحتمل أن يكون بيانا لحاصل المعنى فلا ينافي الاول ، وأما سبب سؤال إبراهيم عليهالسلام وسائر ما يتعلق بهذه القصة فسيأتي في كتاب النبوة.
٥ ـ ج
: عن هشام بن الحكم أنه قال الزنديق للصادق عليهالسلام
: أنى للروح بالبعث
والبدن قد بلي والاعضاء قد تفرقت؟ فعضو في بلدة تأكلها سباعها ، وعضو باخرى تمزقه
هوامها ، وعضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط! قال : إن الذى أنشأه من غير شئ
وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أن يعيده كما بدأه ، قال : أوضح لي ذلك ،