السموات والارض » فيه وجوه : أحدها : ثقل علمها على أهل السماوات والارض ، لان من خفي عليه علم شئ كان ثقيلا عليه.
وثانيها : أن معناه : عظمت على أهل السماوات والارض صفتها ، لما يكون فيها من انتثار النجوم وتسيير الجبال وغير ذلك(١)
وثالثها : ثقل وقوعها على أهل السماوات والارض ، لعظمها وشدتها.(٢)
ورابعها : أن المراد نفس السماوات والارض لا تطيق حملها لشدتها أي لو كانت أحياءا لثقلت عليها تلك الاحوال « لا تأتيكم إلا بغتة » أي فجأة ، لتكون أعظم وأهول « يسئلونك كأنك حفي عنها » أي يسألونك عنها كأنك حفي بها أي عالم بها ، قد أكثرت المسألة عنها ، وأصله من أحفيت في السؤال عن الشئ حتى علمته. وقيل : تقديره : يسألونك عنها كأنك حفي بهم أي بار بهم ، فرح بسؤالهم ، وقيل : معناه : كأنك معني بالسؤال عنها فسألت عنها حتى علمتها ، « قل إنما علمها عند الله » وإنما أعاد هذا القول لانه وصله بقوله : « ولكن أكثر الناس لا يعلمون » وقيل : أراد بالاول علم وقت قيامها ، وبالثاني علم كيفيتها وتفصيل ما فيها.
وفي قوله تعالى : « وذلك يوم مشهود » أي يشهده الخلائق كلهم من الجن والانس وأهل السماء وأهل الارض « وما نؤخره إلا لاجل معدود » هو أجل قد أعده الله لعلمه بأن صلاح الخلق في إدامة التكليف عليهم إلى ذلك الوقت ، فيه إشارة إلى قربه فإن ما يدخل تحت العد فان قد نفد.
وقال البيضاوي في قوله تعالى : « وما أمر الساعة » أي أمر قيام الساعة في سرعته وسهولته « إلا كلمح البصر » إلا كرجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها « أو هو أقرب » أو أمرها أقرب منه بأن يكون في زمان نصف تلك الحركة بل في الآن التي يبتدء فيه ، فإنه تعالى يحيي الخلائق دفعة وما يوجد دفعة كان في آن ، و « أو » للتخيير أو بمعنى بل ، وقيل : معناه أن قيام الساعة وإن تراخى فهو عند الله كالشئ الذي يقولون فيه : هو كلمح البصر أو أقرب ، مبالغة في استقرابه. وفي قوله : « يوم التناد » : أي يوم
____________________
(١) في المجمع المطبوع : من انتثار النجوم وتكوير الشمس وتسيير الجبال.
(٢) في المجمع المطبوع : لعظمها وشدتها ولما فيها من المحاسبة والمجازاة