غيره « إلى ربك يومئذ المستقر » أي المنتهى أي ينتهي الخلق يومئذ إلى حكمه و أمره ، فلا حكم ولا أمر لاحد غيره وقيل : المستقر : المكان الذي يستقر فيه المؤمن والكافر ، وذلك إلى الله لا إلى العباد ، وقيل المستقر : المصير والمرجع « ينبؤ الانسان يومئذ بما قدم وأخر » أي يخبر الانسان يوم القيامة بأول عمله وآخره فيجازى به ، وقيل : معناه : بما قدم من العمل في حياته ، وما سنه فعمل به بعد موته من خير أو شر ، وقيل : بما قدم من المعاصي وأخر من الطاعات ، وقيل : بما أخذ و ترك ، وقيل : بما قدم من طاعة الله وأخر من حق الله وضيعه ، وقيل : بما قدم من ماله لنفسه ، وما خلفه لورثته بعده « بل الانسان على نفسه بصيرة ر » أي أن جوارحه تشهد عليه بما عمل ، قال القتيبي : أقام جوارحه مقام نفسه ولذلك أنث ، (١) وقيل : معناه أن الانسان بصير بنفسه وعمله ، وروى العياشي بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا ويسر سيئا أليس إذا رجع إلى نفسه يعلم أنه ليس كذلك؟ والله سبحانه يقول : « بل الانسان على نفسه بصيرة » إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية.
« ولو ألقى معاذيره » أي ولو اعتذر وجادل عن نفسه لم ينفعه ذلك ، وقيل : معناه : ولو أرخى الستور وأغلق الابواب ، قال الزجاج : معناه : ولو أدلى بكل حجة عنده ، (٢) وجاء في التفسير : المعاذير : الستور ، واحدها معذار ، وقال المبرد : هي لغة طائية ، والمعنى على هذا القول : وإن أسبل الستور ليخفى ما يعمل ، فإن نفسه شاهد عليه.
____________________
(١) وقال الكسائى : المعنى : بل على نفس الانسان بصيرة ، فجاء على التقديم والتأخير ، أي عليه من الملائكة رقيب يرقبه وحافظ يحفظ عمله. وقال أبوعبيدة : جاءت هذه الهاء في بصيرة والموصوف بها مذكر كما جاءت في علامة ونسابة وراوية وطاغية ، والمراد بها المبالغة في المعنى الذى وقع الوصف به. ووجه المبالغة في صفة الملك المحصى لاعمال المكلف بأنه بصيرة أن ذلك الملك يتجاوز علم الظواهر إلى علم السرائر بما جعل الله له على ذلك من الادلة وأعطاه من أسباب المعرفة. قاله الرضى في تلخيص البيان ص ٢٦٧.
(٢) أدلى بحجته أى أحضرها واحتج بها.