فهم على كل حال أدلاء على الخير ومسالك النجاة يحملون فضيلة الشرف والسؤدد ، فضيلة الدعوة إلى السلام والوئام ، فضيلة الإصلاح والرشاد ، وليس لسائر الأمة إلا الإحسان إلى ذرية الرسول المودة لهم التي هي أجر الرسالة بنص الكتاب العزيز .
( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (١) .
والقربى هنا بمعنى الأقارب قطعاً ، وليس المراد منه قرب النبي من قريش ولا تقرب الأمة إلى الله تعالى بالطاعة ، لأن الأول يصح استعماله (٢) أولاً وهو المتبادر إلى الفهم من الإطلاق ثانياً ، وأما المعنيان الآخرين فيحتاج إرادتهما من الإطلاق إلى قرينة وهي مفقودة .
على أن الأخبار المتواترة دلت على أن قرابته المعنيين بالآية هم : علي وفاطمة والحسن والحسين (ع) (٣) وذريتهم ، وقد استشهد عليه الأئمة المعصومون فيقول سيد الوصيين (ع) : فينا آية في حمۤ لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ، ثم قرأ آية المودة . ويوم خطب الحسن (ع) بعد وفاة أبيه قال : أنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم ، ثم قرأ آية المودة (٤) . ولما وقف الإمام السجاد (ع) مع حرم النبوة على درج مسجد الشام ، قال له شامي : الحمد لله الذي استأصلكم ، فقال (ع) : أما قرأت ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا
____________________
(١) سورة الشورى ، الآية ٢٣ : مدنية .
(٢) أساس البلاغة للزمخشري .
(٣) نص على بعض هذه الأخبار الزمخشري في الكشاف : « ج ٣ ، ص ٤٠٢ » ، في تفسير الآية ، والرازي في تفسيره : ج ٧ ، ص ٣٩٠ ، ومجمع الزوائد : ج ٧ ، ص ١٠٣ .
(٤) الصواعق المحرقة ص : ١٠١ الآية الرابعة عشر .