ولكنه أوصى جيشه ببيت ( علي بن الحسين ) فكان أمناً لمن دخله من أهله المدينة ، حتى أن مروان بن الحكم الذي أثار فتنة الجمل وحرض ( المرأة ) على منع ادخال جنازة الحسن السبط في قبر جده النبي (ص) لتجديد العهد به فنهضت واصحرت عن بغضها بقولها لا تدخلوا بيتي من لا أحب (١) وكان مروان يهتز فرحاً بقتل الحسين لما شاهد الرأس المقدس أمام « ابن ميسون » وهو ينكته بقضيب خيزران فقال متشمتاً :
يا حبذا بردك في اليدين |
|
ولونك الأحمر في الخدين |
شفيت نفسي من دم الحسين |
|
أخذت ثاري وقضيت ديني (٢) |
فلم يمسكه الحياء من هذه المنكرات التي هي نصب عين السجاد عليّ بن الحسين وأندية أهل البيت تلهج بها ، فجاء بعياله إلى بيت الإمام زين العابدين يوم واقعة الحرة فرقاً من بطش الجيش المتمرد فرأى من ابن ( النبوة والإمامة ) جاهاً عريضاً وخلقاً واسعاً وحلماً راجحاً كما يقتضيه عنصره الطيب الطاهر وهذا بعد أن استجار بعبد الله بن عمر بن الخطاب فزبره وطرده عن بابه ، وقال : لا تحرقني بنارك (٣) وإني لا ستطرف أبيات سعد بن محمد الصيفي المعروف بحيص بيص لعلاقتها بالموضوع وارتباطها به :
ملكنا فكان العفو منا سجية |
|
ولما ملكتم سال بالدم أبطح |
وحللتم قتل الأسارى وطالما |
|
غدونا عن الأسرى نعف ونصفح |
فحسبكم هذا التفاوت بيننا |
|
وكل إناء بالذي فيه ينضح |
____________________
(١) مناقب ابن شهرآشوب ج ٢ ، ص ١٧٥ .
(٢) انظر ما كتبناه في مقتل الحسين ص ٤٢٦ طبعة الثانية .
(٣) تاريخ الطبري ج ٧ ، ص ٧ .