يوجب العتاب حتى من معصوم مثله والسبط المجتبى (ع) لا يعاتب أحداً على مجرد حب حليلته المرغوب فيه ، إلا أن يكون خارجاً عن الحدود الشرعية ولا يعقل مثله في الحسين (ع) .
وعلى فرض وقوع العتاب المزعوم « فشهيد الدين » أبر وأتقى من أن يجابه حجة الوقت والإمام على الأمة أجمع بنظم البيتين .
ومما لا يلتئم مع حفاظه المر ووقاره المزري بشم الرواسي وعظمته المشتقة من النبوة مدح حليلته وابنته بشعر يعلم بطبع الحال أنه ستسير به الركبان ، ثم يبث ذلك بين الناس فتلوكه الأشداق حتى يغني به المغنون في منتديات البطر ومجتمعات الفجور .
لكن لم يكن بدعاً من مزاعمهم بعد أن طعنوا في ( آبي الضيم ) الحامل لأعباء الإمامة بما هو أعظم وأنكى ، فذكر ابن حجر العسقلاني أن الحسن (ع) لما عزم على الصلح شاور عبد الله بن جعفر الطيار فيه فلم ير منه خلافاً عليه ، وقال للحسين : يا أخي إني رأيت رأياً وأحب أن تتابعني عليه ثم قصه عليه ، فقال الحسين (ع) : أعيذك بالله أن تكذب عليّاً في قبره وتصدق معاوية .
فقال الحسن (ع) :
والله ما أردت أمراً قط إلا خالفتني إلى غيره ، والله لقد هممت أن أقذفك في بيت فأطينه عليك حتى أقضي أمري (١) .
هكذا يتحدث ابن حجر ويغتر به الساذج من المتأخرين فيعد هذه المخالفة من الحسين من بواعث الشهامة والإباء ، وقد ذهب على المسكين أن الحسين المعصوم لا يجابه إمام الوقت بتلك الشدة المزرية
____________________
(١) تهذيب ج ٢ ، ص ٢٩٩ بترجمة الحسن (ع) .