أمن المعقول أنه لا يجوز لهن رد الباب وليس فيه إلا الخروج إلى مظنة رؤية الأجنبي لهن من وراء الأزر والأخمرة ، ويكون من الجائز لهن التبرج إلى الأجانب والمحادثة معهم والخوض في مجاملاتهم خصوصاً ما تمنع منه الشريعة وهو سماع الغناء وعقد المجالس للمغنين .
ثم ما بال الإمام الباقر (ع) يذر عمته السيدة بين تلكم المخازي ، وما بال الأباة الهاشميون يغضون الطرف عما هنالك من بواعث العيب والنقص ، فإلى من يدخرون الإصلاح وهم يتركون عقائل بيتهم ، وإلى أي زمن يرجئونه إن أخروه عن أيام حياتهم في خفراتهم ؟
وهذه جبلة فطر الله عليها الأمم جمعاء فضلاً عمن قيضهم المولى سبحانه لهداية البشر وإرشادهم إلى ما هو الأصلح ، وقد كان في الأمة العربية من لا يرضخ لمنافيات الغيرة والشهامة وإن بلغوا في القساوة كل مبلغ حتى كان من أمرهم أن وأدوا البنات كيلا يلحقهم بسببهن العار ، وكانوا لا يزوجون المرأة من الرجل إذا شبب بها (١) .
ولما شبب عبد الله بن مصعب المعروف بعائذ الكلب بامرأة من بني نصر بن دهمان وكان اسمها « جمل » عمد إليها إخوتها فقتلوها غيرة منهم (٢) .
ولما بلغ الحجاج الثقفي أن محمد بن عبد الله النميري شبب بأخته زينب أسمعه السباب المقذع ولم يتركه حتى كتب إلى عبد الملك بن مروان بذلك (٣) ، ولما شبب وضاح بامرأة الوليد قتله (٤) .
____________________
(١) شرح أمالي القالي للبكري ج ٢ ، ص ٦٥٩ .
(٢) المصدر .
(٣) شرح أمالي القالي ج ٢ ، ص ٦٥٨ .
(٤) آداب اللغة العربية لجرجي زيدان ج ١ ، ص ٢٨٣ .