إذاً فمن أين تبصر الأجيال المستقبلة الحوادث الصحيحة لتسير على ضوء هدى العظماء الذين لا يخضعون للدنيه ويبذلون في تحصيل السعادة كل غال ورخيص .
ومن هنا أظلم الطريق ولم يهتد الباحث إلى الصحيح في نسب ( الرباب ) زوجة الحسين (ع) والقصة التي يحكيها أبو الفرج الأصفهاني في مقال الطالبيين بترجمة عبد الله بن الحسين عن مجاهد عن محمد بن السائب الكلبي لا تأخذ بنا إلى جهة نيرة ، فإن القارئ لا يشك في تسطيرها على غير الواقع لغاية الحط من مقام أمير المؤمنين الذي يقول كنت أتبع رسول الله اتباع الفصيل أثر أمّه يرفع لي كل يوم علماً من أخلاقه ويأمرني بالاقتداء به أرى نور الوحي وأشم ريح النبوة (١) .
فإن الأخلاق المحمدية التي تحلى بها صاحب الخلافة الكبرى تتنافى مع الأسطورة التي يقصها مجاهد وابن الكلبي مع أن علماء الرجال تكلموا في مجاهد ولم يقبل جملة منهم مروياته ومحمد بن هشام بن السائب الكلبي مجهول الحال عند علماء الشيعة ، ولم يعتمد عليه علماء السنة (٢) فما يتحدثان عنه في قصة زواج الحسين منها يرمى به عرض الجدار ولم يخف افتعالها على من يقرأها بروية .
ونصها المسطور في مقاتل الطالبيين بترجمة عبد الله بن الحسين (ع) أن رجلاً دخل المسجد أيام خلافة عمر بن الخطاب فحياه بتحية الإسلام وسأله عمر عن اسمه ، فقال : أنا نصراني أنا امرؤ القيس بن عدي الكلبي ، وعرض عليه عمر الإسلام فأسلم وعقد له على من
____________________
(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٤١٧ من خطبته الفاصعة .
(٢) راجع عنهما تهذيب التهذيب لابن حجر ، ج ١٠ ، ص ٤٢ ، وج ٩ ، ص ١٧٨ .