أسلم بالشام من قضاعة ، ولما حمل اللواء وأدبر تبعه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعه ابناه حسن وحسين ، فقال له : أنا ابن عم رسول الله وصهره وهذان ابناي وقد رغبنا في صهرك فأنكحنا ، فقال : أنكحتك يا علي ابنتي المحياة وأنكحت الحسن اختها سلمى وأنكحت الحسين اختها الرباب .
وهذه القصة لا مساس لها بالواقع فإن الإمعان في شخصية أمير المؤمنين المتحلية بألخلاق الشريعة والعادات المألوفة يفيدنا الجزم بمنافاة إسراعه في المصاهرة من هذا النصراني الذي هو جديد عهد بالإسلام والمسلمين ، وكل أحد إذا راجع وجدانه يجد منه الإنكار على من يرتكب مثل هذا الذي لا يتفق مع الآداب العرفية ، حتى لو كان سوقة فضلاً عمن هو مؤهل للزعامة الكبرى وفرضه المولى سبحانه وتعالى خليفة على البشر عامة بعد النبوة ، وحاشا مثل أمير المؤمنين أن يكون مقهوراً لحكم الشهوة وتحفزه الغريزة الجنسية إلى ما تتنفر منه العامة والخاصة .
ومما يبعد القصة إهمالها اختيار رأي البنات في الرضا والعدم كما أنها لم تعين المهر مع أن الشريعة المقدسة قررت اختيار الزوجة في الرضا بالزوج ومعرفة الزوجة بالمهر لازم والالتزام بفضولية العقد ووقوفه على الإجازة ، وأن لها مهر أمثالها لو لم يسم الصداق إنما يتم مع فرض التنازل إلى التسليم بمسارعة أمير المؤمنين وخوف فوات هذا ( الكنز ) منه لو لم يبادر إلى مذاكرة الرجل في بناته .
على أنا معشر الإمامية نلتزم بأن الله تعالى مكن الإمام الحجة المؤهل للرياسة العامة من العلم الواسع لقطع شبه المعاندين أو لتركيز عقايد المتبعين للحق وعليه فأمير المؤمنين على يقين من أن بنات هذا الرجل لا يغلبه عليهن أحد لو انتظر الفرصة المناسبة .