لكن الأحقاد أبت إلا أن تشوه مقام ( ولي الله ) وتسجل على سيد الأوصياء (ع) ما تتقزز منه النفوس لعل أن يوجد في الأجيال من يتقبل هذه الأكذوبة فينحاز عنه ، وقد أصاب واضعها الغرض فقد آمن بها من لا خبرة له بمكانة ( باب مدينة علم الرسول ) المتحلي بأخلاقه الكريمة .
وهناك شيء آخر وهو بقاء الرباب حائلاً عند الحسين أكثر من عشرين سنة ، فإن التزويج منها كان في خلافة عمر بن الخطاب ولا أقل من التقدير بآخر أيامه فإنه قتل ٢٥ سنة وولادة سكينة على أقل التقدير في سنة ٤٧ فتكون يوم الطف ابنة ١٣ سنة والعادة تبعد بقاءها حائلاً هذه المدة الطويلة ، وإذا كان الزواج في أوائل خلافته تكون المسافة أبعد .
وعلى هذا فلا حجة واضحة تأخذ بنا إلى الإيمان بهذه الأسطورة مع أن ابن كثير في البداية ج ٨ ، ص ٢١٧ يسمى أباها ( أنيف ) ولم ينسبه إلى أحد ولم يذكر هذه الأسطورة .
وعلى كل حال فالرباب من خيرات النساء وأفضلهن جاء بها الحسين مع حرمه إلى الطف وحملت معهن إلى الكوفة والشام ورجعت مع الحرم إلى المدينة فأقامت فيها لا تهدأ ليلاً ولا نهاراً من البكاء على الحسين ولم تستظل تحت سقف حتى ماتت بعد قتله بسنة كمداً (١) .
وليس بصحيح ما قيل : إنها أقامت على قبر الحسين سنة (٢) تنوح الليل والنهار وذلك بعد الرجوع من الشام ومرورهم بكربلاء
____________________
(١) كامل ابن الأثير ج ٤ ، ص ٣٦ .
(٢) ابن الأثير .