يتباعد عن الإذعان بكلام رأس الحسين (ع) في شوارع الكوفة والشام وفي مجلس يزيد لما أمر بقتل رسول ملك الروم لانكاره فعلته التي لم يرتكبها حتى من لم ينتحل دين الإسلام فنطق الرأس بصوت جهوري ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) ولكن ما أسرع أن يتراجع إلى التصديق به حينما يستضيء بتفكيره إلى فعل القدرة الإلٰهية بالممكنات حسبما تستدعيه المصالح ، كما كانت ( الشجرة ) في الوادي المقدس تلقي التعاليم الإلٰهية على الكليم موسى بن عمران وأخبرت الذراع المسمومة خاتم الأنبياء (ص) يوم خيبر فامتنع النبي (ص) ومن معه من أكلها (١) ، إذاً فلا غرابة في تمكين الإرادة الربانية ، رأس الحسين (ع) المنحور طاعة لله تعالى من قراءة القرآن لأنه أبلغ في توطيد أسس النهضة الكريمة ، وفيه تركيز العقائد على أحقية دعوته وشهادته ووخامة عاقبة من مد إليه يد العدوان .
ولئن يتحدث البخاري ومسلم وأحمد عن أبي هريرة في أن الله تعالى أودع قوة الحركة في الحجر الصلد فذهب بثياب نبيه موسى بن عمران لغاية تعريف الإسرائيليين نزاهة بنيه من العاهة ويتقبلها شراح البخاري ومسلم من دون تعقيب (٢) وإن كانت المؤاخذة عليهم واضحة فالإيمان بالمتواتر من الآثار الحاكية كلام رأس الحسين لتعريف أولئك المغمورين بالأطماع ، ومن يأتي من الأجيال بالتواء
____________________
(١) في شرح الزرقاني المالكي على المواهب اللدنية لابن حجر ج ٢ ، ص ٢٤٢ غزوة خيبر أن هذا الإخبار من الذراع هل هو بكلام يخلق فيه أو صوت يحدثه الله كما في الشجر والحجر بلا حياة أو مع الحياة قولان في الشفا .
(٢) صحيح البخاري كتاب الغسل باب من اغتسل عرياناً ، وصحيح مسلم باب فضائل موسى ، ومسند أحمد ج ٢ ، ص ٣١٥ .