دعوته أحد من الأنبياء كما أوذي نبي الإسلام (١) .
وهل يقابل ذلك الخطر اللإلٰهي بهذا العرض الزائل المتخلي عنه ( صفي الله وحبيبه (ص) وقد عرضت عليه كنوز الأرض بأجمعها فآثر الأخرى الباقية على ما فيه الفناء ، حتى كان يبيت الأيام طاوياً ويشد الحجر على بطنه من الجوع ويسميه المشبع (٢) فالرسول الأقدس في سيره وأعماله لا يدعو إلا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة .
فآية المودة لا تنافي سيرة الأنبياء ولا سيرة نبينا الأعظم (ص) ولا يعارضها ما في سورة سبأ / ٤٧ ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُم ) إلخ ولا ما في الأنعام / ٩٠ ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ )الآية ؛ لأن الأجر المنفي في هاتين الآيتين المال الذي يشق على الناس بذله ويتنزه عنه مقام من كان من ربه كقاب قوسين أو أدنى والمطلوب في آية المودة لم يكن مالاً وإنما هو محبة آله ، وهذا من سنخ العبادة والطاعة ، ومثل المنقذ الأكبر يعرف الأمة ما فيه صلاحها ويرشدها إلى ما يقربها من المولى سبحانه زلفى .
ولعل الآية في سورة سبأ ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ) تصاعد عليه فإن ظاهرها كالتمهيد للجواب عن مثل هذا الاشكال فإن معنى الآية إن ما يطلبه الرسول من الأجر إنما يعود نفعه إلى الأمة ، فالأجر الذي أراده من آية المودة ، وهو مودة أهل بيته معه
____________________
(١) غرر الخصائص للوطواط ص ٢٥ في باب من قدر فعفا ، وشرح الزرقاني على المواهب ج ٤ ص ٣٢١ ، وكنز العمال ج ٢ ص ٢٩ باب الحلم .
(٢) شرح الصحيفة الكاملة للسيد علي خان .