لهم خاصة وحينئذ فيتفق هذا مع قوله تعالى : ( لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ ) لأن مودة آله وذريته ذكرى للعالمين ورحمة لهم لما فيها من احترام شخص النبيّ وتقدير أعماله الجبارة .
وما جاء في هذه الآية من طلب مودة القربى لا يتنافى مع ما في الفرقان / ٥٧ ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا ) (١) ، فإن الهداية إلى الله تعالى التي هي المطلوب السامي لنبي الإسلام عوضاً عن التبليغ ، والإرشاد يتفق مع مودة القربى المراد لرسول الله (ص) في آية الشورى فإن مودة آله من مصاديق الهداية إلى المهيمن سبحانه بامتثال أوامره واجتناب معاصيه والقيام بما يقرب منه عز شأنه زلفى فلا ندحة له من مودة قربى النبي لأن الله تعالى حث على حبهم واقتفاء آثارهم .
ولو أعرضنا عن جميع ذلك لا تكون الآيتان المنفي فيهما الأجر معارضتين لآية المودة ، لأنهما مكيتان وآية المودة مدنية نازلة بعدهما والمدني لا يعارضه المكي بوجه .
ودعوة ابن تيمية عدم الريب في كون آية المودة مكية ، لأنها من سورة الشورى التي هي كباقي الحواميم مكية ، وحينئذ فأين تزويج علي من فاطمة ، وأين أولادهما (٢) ؟ تدلنا على عدم اطلاعه على كلمات المفسرين أو أنه غض النظر ، عنها فإنه لم يصرح أحد بأن الآية مكية ، وكأنه تخيل من إطلاق قولهم الشورى مكية أنها بتمام آياتها وهذا غير لازم ، فإن جملة من الآيات المكية في السور المدنية
____________________
(١) سورة الفرقان ، الآية ٥٧ .
(٢) منهاج السنة « ج ٢ ـ ص ١١٨ ، وص ٢٥٠ » .